أشرف بلمودن والمؤشر ..شهادات صادمة تكشف كيف يتحول الدعم إلى معاقبة الفقراء

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

في حلقة جديدة من برنامجه الأسبوعي “مع المؤشر”، سلط الصحافي أشرف بلمودن الضوء على معاناة فئات واسعة من المواطنين مع نظام المؤشر الذي أصبح، بحسب تعبيره، وسيلة لتفقير الفقراء وإغناء الأغنياء، بدل أن يكون أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية.

بلمودن افتتح الحلقة بانتقاد لاذع قائلا: “ولّيتو أغنياء وطلع لكم المؤشر، علاش؟ على عشرة دراهم تعبئة؟!”، متهما الحكومة بإدارة سياسات اجتماعية منفصلة عن الواقع.

وأشار إلى أن فكرة الحماية الاجتماعية التي أطلقها الملك كانت رؤية متقدمة، لكن تنزيلها على أرض الواقع تم بطريقة مشوهة ومليئة بالأخطاء، جعلت فقراء البلاد عرضة للإقصاء من الدعم لأسباب تافهة كاستعمال الهاتف أو أداء فاتورة كهرباء بسيطة.

البرنامج الذي بات منصة أسبوعية لمناقشة مشاكل المواطنين مع المؤشر استضاف عددا من المتصلين من مختلف المدن، سردوا قصصا مؤلمة عن حرمانهم من الدعم بسبب ارتفاع المؤشر، رغم أنهم يعيشون في ظروف قاسية.

إحدى المتصلات، تدعى يسرى إن جدتها التي تعيش وحيدة بمدينة سلا كانت من بين المستفيدين من المؤشر، وهو الدعم الاجتماعي الموجه للفئات الهشة، لكنها فوجئت بتوقيفه دون أي إشعار أو تفسير واضح من الجهات المعنية.

وتشير إلى أن الجدة تعاني أوضاعا صعبة بعدما تضرر منزلها خلال الزلزال الأخير واضطرت إلى مغادرته دون أن تستفيد من أي تعويض أو إصلاح.

وتضيف أن الأسرة حاولت مرارا متابعة الملف لدى الملحقة الإدارية والضمان الاجتماعي، غير أن الردود كانت متناقضة، إذ تحال من جهة إلى أخرى دون أن تحصل على جواب نهائي حول سبب الانقطاع.

وتوضح يسرى أن بعض الموظفين أخبروها بأن السبب قد يكون مرتبطا بمشكل إداري في المنصة الرقمية الخاصة بالدعم، أو بخلل في تعبئة رصيد هاتفها ب30 درهما شهريا، فيما رجح آخرون أن المؤشر ارتفع بشكل خاطئ بسبب بيانات غير دقيقة.

ومع ذلك، لم يتم تقديم أي توضيح رسمي، مما جعل الجدة تعيش حالة من القلق واليأس، خاصة وأنها لا تتوفر على أي مصدر دخل آخر.

وطالبت يسرى، عبر مداخلتها، بتدخل عاجل من السلطات المختصة لتصحيح الخطأ وإعادة صرف الدعم للمعنية بالأمر، داعية إلى مزيد من الشفافية في تدبير ملفات الفئات الهشة.

وأما حليمة، وهي من مدينة سلا، كشفت أن سبب انقطاع المؤشر الذي كانت تستفيد منه أختها المعاقة ما يزال غامضا رغم محاولاتها المتكررة لمعرفة الحقيقة.
وأشارت إلى أن أختها تعاني من مرض مزمن في المفاصل منذ سنة 1992، جعلها عاجزة كليا عن الحركة وتعيش على كرسي متحرك، ورغم أن ملفها الطبي متكامل ومودع لدى المصالح المختصة، إلا أن الدعم المالي توقف دون سابق إنذار، تاركًا الأسرة في حيرة من أمرها.

وأوضحت حليمة أن الأسرة، المكونة من أربع أخوات، تعيش وضعا اجتماعيا هشا، ولا مورد لإختها المريضة سوى هذا الدعم الذي يعتبر متنفسا وحيدا لتغطية بعض مصاريف العلاج والمعيشة.

وأضافت أنهن توجهن مرارا إلى الملحقة الإدارية والضمان الاجتماعي ووزارة الداخلية، لكن دون نتيجة، إذ ترد كل جهة المسؤولية إلى أخرى، مما جعل الأسرة تشعر بالتهميش والظلم، مطالبة بفتح تحقيق عاجل لإعادة الحق للمستحقين وضمان شفافية تدبير الدعم الاجتماعي.

تقول آسية، وهي من مدينة الرباط، إن الدعم الذي كانت تستفيد منه انقطع عنها فجأة بعد وفاة شقيقها الذي كان مسجلا معها في نظام الدعم، دون أن تتلقى أي توضيح من السلطات المحلية أو المصالح الاجتماعية.
وأوضحت أن وضعها المعيشي أصبح صعبا للغاية، فهي لا تملك عملا ولا دخلا قارا، وتعيش وحيدة بعد فقدان والديها وشقيقها، مشيرة إلى أن المبلغ الذي كانت تتوصل به كان بالكاد يغطي بعض المصاريف البسيطة.

وتضيف آسية أن محاولاتها المتكررة للاستفسار عن سبب انقطاع المؤشر باءت بالفشل، إذ ظلت تتنقل بين المقاطعة والعمالة دون أن تحصل على جواب واضح، بينما كانت بعض الردود تقتصر على عبارة “الملف مازال فوق”.

وأعرب الصحافي أشرف بلمودن  عن استيائه من غياب التواصل والشفافية في معالجة ملفات المواطنين، مطالبا السلطات بإعادة النظر في طريقة تدبير الدعم الاجتماعي، وضمان استمراريته للفئات التي لا تملك أي مصدر رزق، معتبرا أن ما يجري يدفع الناس إلى فقدان الثقة في مؤسسات يفترض أن تكون سندا لهم لا عبئا إضافيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى