أنشطة حزبية ومشاريع وزارية ..هل هي تمهيد مسبق لنزار بركة لحملة انتخابية ؟

نجوى القاسمي : صحافية متدربة
مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، عاد حزب الاستقلال ليحرك ماكينته التنظيمية والسياسية، في مشهد لم يعد يخفى على أحد، حيث تتزامن هذه التحركات مع إطلاق برامج وشعارات اجتماعية لا تخلو من منطق الحملات الانتخابية المبكرة.
في أقل من شهر، قاد الأمين العام للحزب، نزار بركة، سلسلة زيارات وتنقلات إلى أقاليم متعددة، من العرائش إلى العيون، ثم طنجة وأكادير والجديدة. ظاهر هذه التحركات مرتبط بتتبع مشاريع وزارية أو أنشطة حزبية “تواصلية”، لكنها في العمق لا تخفي هدفها الحقيقي: التمهيد المسبق للحملة الانتخابية. فزيارة مشاريع في جماعات يقودها رؤساء استقلاليون ليست سوى حملة دعائية مغلفة بطابع حكومي رسمي.
برنامج “سنة التطوع”شعارات فضفاضة وغياب تصور واقعي
أطلق الحزب ما سُمِّي ببرنامج “سنة التطوع”، وهو مبادرة قُدمت على أنها مشروع لتعزيز ثقافة التطوع. لكن البرنامج، ومنذ الإعلان عنه في جماعة أولاد فرج بإقليم الجديدة، بدا أقرب إلى حملة علاقات عامة منه إلى مشروع حقيقي بأهداف واضحة. تنظيم قافلة طبية عابرة وحملة تشجير محدودة لا يرقى إلى ما تسميه قيادة الحزب “دينامية للعمل التطوعي”، بل يعكس افتقاد الحزب لرؤية استراتيجية تُكرس ثقافة التطوع بشكل مؤسساتي ومستدام.
“بطاقة معاق” مشروع آخر في مهب الفشل
أما برنامج “بطاقة معاق”، الذي أشرفت عليه الوزيرة السابقة لوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة عواطف حيار، فقد تحول إلى نموذج آخر من المشاريع التي تولد ميتة. فبعدما رُوج له باعتباره خطوة ثورية لتمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من خدمات تفضيلية، بقي المشروع عالقا بين غياب التنزيل العملي وارتباك في التصور القانوني والتنفيذي. وفي ظل هذا الجمود، أضحى البرنامج مجرد شعار مناسباتي تستحضره التصريحات الرسمية دون أثر حقيقي على أرض الواقع.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه الحزب عن تعزيز الشفافية والحكامة الجيدة، جاء تقرير المجلس الأعلى للحسابات ليعرّي الواقع المالي للحزب، مسجلا مجموعة من الاختلالات . فقد كشف التقرير عدم تخصيص حساب بنكي خاص للدعم السنوي الإضافي، إضافة إلى عدم إرجاع مبلغ يفوق مليون درهم (1.126.585,31 درهم) يمثل الفرق بين الدعم الممنوح والمبلغ المصرح به.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أشار التقرير إلى أن الحزب أنجز خمس دراسات بمبلغ يقارب 3 ملايين درهم، من خلال التعاقد مع مكاتب دراسات، دون أن يدلي الحزب بتقارير هذه الدراسات أو مخرجاتها، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية العملية وشفافيتها.
بين تحركات انتخابية مقنعة بأنشطة وزارية، وبرامج اجتماعية ارتجالية، واختلالات مالية موثقة من أعلى مؤسسة رقابية، يبدو حزب الاستقلال في مواجهة مباشرة مع سؤال : هل يستطيع الحزب فعلا إقناع المواطنين بأنه خيار سياسي جاد؟ أم أن شعاراته الاجتماعية ليست سوى ستار يخفي وراءه تهافتا انتخابيا يفتقر إلى الحد الأدنى من المصداقية؟