أي دور لحزب الاصالة والمعاصرة كمعارضة فى بناء الديمقراطية ؟

يونس لقطارني

 

حزب الأصالة والمعاصرة، هو القوة السياسية الثانية بالمغرب بعد حزب العدالة والتنمية، وهو حزب معارض، مدني. ويملك الحزب الكتلة النيابية الأولى في مجلس المستشارين، والكتلة النيابية الثانية في مجلس النواب، ورغم ذلك يبقي كحزب معارض ضعيف ومريض بسبب صراعاته الداخلية، وغياب القيادة في العملية السياسية ومستقبل التحول الديمقراطي الذي حث عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطاباته السامية.

ونعجب حين نرى ان بعض السياسيين في حزب الاصالة والمعاصرة، لا يفضلون المعارضة السياسية في حين انها جزء اساسي من مهامهم الوظيفية، ومهمة جدا في العملية السياسية الديمقراطية، ولكن افكارهم الخاطئة وممارساتهم المنحرفة ومنها عمليات التهميش والتسقيط والاقصاء، أدت إلى ضعف الثقة بينهم، الأمر الذي يعمل على تعطيل دور المعارضة في العملية السياسية، ونتج عن ذلك غياب المراقبة، وتفشي الفساد وتردي الاوضاع في البلاد، كما هو الحاصل اليوم.

ولعل ما يدعو للدهشة في سياق الصحوة، التي نشهدها أن تتشكل حكومات في غياب تام للمعارضة، حول كيفية اختيار الكفاءات، وتم اختيار هذا وذاك للاستفادة من الثروات على حساب شخصيات، وعدم الالتزامات بالخطابات الملكية السامية التي أكد فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس على وجوب وجود نخب قادرة على التفاعل مع مشاريع المرحلة الجديدة التي تتطلب كفاءات بمختلف مناصب المسؤولية.

المعارضة لدينا اليوم في أسوأ حالاتها وأضعفها على الإطلاق، وسينعكس ذلك سلبا على حالة البلد، وفراغ المشهد السياسي من المعارضة، إنما هو خلو البلد من قطب سياسي مهم، ما يعني اختلالا عاما في المشهد السياسي وترك الحرية لحكومة الاسلاميين تنهج سياسات بدون اصلاحات، وتقشفات وعجز الميزانيات وتراكم الديون الخارجية.

إذن، موقف المعارضة يزداد ضعفاً يوماً بعد يوم، وهي قد سقطت بالفعل أخلاقياً بعد أن تجاهلت مطالب الشعب، كما فعلت حكومة العدالة والتنمية تماماً. والمعارضة بنفس القدر ستعزل نفسها كلما انحازت لأجندتها هي وإلى سجلها العقيم مع الإسلاميين بدلاً من تبني أجندة الشعب ومصالح الوطن.

 

لقد فشلت المعارضة في لملمة أشلائها المبعثرة والمتناقضة. فهي حتى اللحظة لم تستطع إيجاد آليات تكون قادرة بموجبها على ضبط وتأطير الحراك الشعبي والاحتقان الاجتماعي التي تعرفه البلاد والعباد. ولم تنجح في إيجاد جسور وروابط مع القوى والفئات المجتمعية والمدنية. إضافة إلى عجزها عن إيجاد آليات عمل وأطر وبرامج سياسية تقنع المواطن، بأنها يمكن أن تكون بديلاً ديمقراطياً. فهي تعاني جملة من الإشكاليات التي ساهمت في إعاقة وإجهاض التغيير الديمقراطي: كتراجع ادائها وطنيا ومحليا ودوليا، انقسامها على ذاتها، انسداد أفقها السياسي، عدم امتلاكها خطاباً وطنياً جامعاً، النخبوية وتضخم الأنا الذاتية، افتقاد(بعض) من قادتها للعقلانية والموضوعية السياسية، عدم بروز قائد سياسي قوي يحظى بإجماع شعبي، عدم امتلاكها برنامج ديمقراطي واضح ومحدد، وعجزها عن وضع استراتيجية واضحة للتغيير الديمقراطي، خضوعها إلى المال السياسي.

 

و من اهم مبادئ الديمقراطية والاصلاحات الجدرية، هو وجود معارضة سياسية حقيقية تعبر عن ارادة الشعب وتعمل على منع ومراقبة الحكومة من الانحراف والانجراف بروح ايجابية بناءة من اجل المحافظة على مصالح المجتمع العامة ومصلحة الدولة خاصة ونظامها السياسي ومنهجها الدستوري وتشخيص الاخطاء والاخفاقات والمطالبة بمعالجتها ،والعمل على محاسبة الفاشلين والمقصرين والمخالفين و مراقبة الانجازات الاستراتيجية المتعلقة بالنهوض المجتمعي والحضاري والفكري والاقتصادي ،ومن ذلك نفهم اهمية المعارضة في استقرار العملية السياسية، و في مساعدة الحكومة واجهزتها التنفيذية في اداء مهامها بالشكل الصحيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى