إكراهات نظام معاينة حوادث السير في المغرب بين التحديات والحلول

منير عطوشي
في طرقات المغرب التي تعج بالحركة، تتكرر مشاهد حوادث السير التي تترك خلفها أضرارًا مادية وبشرية، لكن ما يزيد من معاناة المتضررين ليس الحادث بحد ذاته فقط، بل أيضًا العراقيل التي تواجههم في معاينة الحادث وإثبات الحقائق.
فعلى الرغم من الجهود المبذولة لتحسين هذا النظام، إلا أنه لا يزال يواجه صعوبات تعرقل مساره، بين بيروقراطية متشابكة، ونقص في الموارد، وضعف في التنسيق بين الجهات المختصة.
حين يقع حادث، تبدأ دوامة الإجراءات، حيث يجد المواطن نفسه أمام بطء في المعاينة، خاصة في المناطق النائية التي تفتقر إلى التجهيزات اللازمة.
وبينما ينتظر المتضرر تقرير المعاينة، تتعطل حياته، ويتأخر تعويضه، فيصبح الحادث مجرد بداية لسلسلة من المعاناة. وفي بعض الأحيان، لا يكون السبب مجرد تأخير، بل نقصًا في المعدات الحديثة التي تتيح تحديد الوقائع بدقة، مما يجعل التحقيق في بعض الحوادث صعبًا ويؤدي إلى نتائج غير عادلة.
ثم هناك العامل البشري، إذ أن قلة الكوادر المؤهلة والمدربة على التعامل مع الحوادث تعني أن بعض المعاينات تتم بشكل غير دقيق، خاصة عندما يتعلق الأمر بحوادث معقدة تتطلب تحليلًا تقنيًا دقيقًا.
وفي ظل هذا التعقيد، يعاني المواطن العادي من نقص في الوعي حول حقوقه وواجباته عند وقوع الحادث. قد يتأخر في التبليغ، أو يقدم معلومات ناقصة، مما يزيد من تعقيد الإجراءات. كما أن ضعف التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية، من شرطة إلى شركات التأمين، يجعل رحلة البحث عن إحقاق الحق طويلة وشاقة.
لكن رغم هذه الإكراهات، فإن الأمل لا يزال قائمًا في تحسين هذا النظام. فالتكنولوجيا قد تكون المفتاح لتجاوز البيروقراطية، من خلال اعتماد أنظمة إلكترونية لتسجيل الحوادث، مما يقلل من التأخير ويسرع الإجراءات. كما أن تزويد المراكز المختصة بالتجهيزات الحديثة، مثل الكاميرات وأجهزة القياس المتطورة، يمكن أن يرفع من جودة المحاضر ويحد من النزاعات.
أما على المستوى البشري، فلا بد من تعزيز التدريب والتأهيل، لضمان أن الأشخاص المكلفين بالمعاينة لديهم المهارات اللازمة للتعامل مع مختلف الحالات.
وبالتوازي مع ذلك، يجب نشر الوعي بين المواطنين حول أهمية الإبلاغ الفوري وتقديم المعلومات الدقيقة عند وقوع الحادث، لأن جزءًا كبيرًا من الإشكالات ناتج عن سوء الفهم أو الجهل بالإجراءات القانونية. كما أن خلق منصة موحدة تربط بين الشرطة، القضاء، وشركات التأمين، سيجعل من معالجة الملفات أكثر سلاسة وفعالية.
نظام معاينة حوادث السير في المغرب يمر بتحديات حقيقية، لكنه ليس نظامًا ميؤوسًا منه. هناك حلول، وهناك إمكانية لإصلاحه، شرط أن تتظافر الجهود بين جميع الأطراف المعنية. حينها فقط، يمكن أن يصبح هذا النظام أداة للعدالة، بدلًا من أن يكون عائقًا أمامها.