ائتلاف “دنيا” يشدد على إلغاء زواج القاصرات ويكشف ثغرات في الأرقام الرسمية

حسين العياشي
يتابع ائتلاف دنيا لمنع تزويج الطفلات باهتمام بالغ تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي، التي أعلن فيها عن تراجع حالات تزويج الطفلات بنسبة قاربت 65% خلال سنة 2024. وإذا كان الائتلاف يرحب بهذه المؤشرات ويعتبرها خطوة إيجابية في مسار حماية حقوق الطفلات بالمغرب، فإنه يؤكد في المقابل أن الأرقام الرسمية لا تعكس الحجم الحقيقي للظاهرة، لأنها تقتصر فقط على الحالات المصرح بها أمام المحاكم، في حين تغيب عنها ممارسات زواج الفاتحة المنتشرة على نطاق واسع داخل المناطق القروية الفقيرة وهوامش المدن الكبرى.
ويبرز الائتلاف، استناداً إلى معطياته ورصده الميداني، أن هذا الشكل من الزواج غير الموثق يستمر بوتيرة مقلقة، مما يحرم آلاف الطفلات من أبسط حقوقهن في التعليم والطفولة والحياة الكريمة. ويرجع استمرار هذه الظاهرة إلى عوامل متداخلة، على رأسها الهدر المدرسي الذي يشكل أرضية خصبة لاستمرار تزويج القاصرات. فحسب الأرقام الرسمية، غادر أكثر من 500 ألف تلميذ وتلميذة مقاعد الدراسة خلال الموسم 2022-2023، من بينهم ما يزيد عن 113 ألف فتاة، الأمر الذي يفتح الباب أمام تكريس الممارسات التقليدية الضارة بحقوق الطفلات.
كما أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي عمّقتها البطالة وغلاء المعيشة، تدفع بعض الأسر إلى تزويج بناتها القاصرات باعتباره حلاً لتخفيف الأعباء المالية، في غياب سياسات عمومية ناجعة قادرة على تحصين الفئات الهشة ودعم استقرارها.
وفي مواجهة هذه التحديات، يشدد ائتلاف دنيا على ضرورة الإلغاء التام لزواج الطفلات دون أي استثناء، انسجاماً مع التجارب المقارنة في المنطقة، مثل التجربة الكويتية التي اعتمدت مؤخراً قانوناً يمنع الزواج قبل سن 18 سنة، ودخل حيز التنفيذ في مارس 2025. ويعتبر الائتلاف أن حماية الطفلات تستوجب وضع سياسات عمومية وقائية تضع المصلحة الفضلى للطفلة في صلب الأولويات، من خلال ضمان تعليم جيد ومنصف يحد من الهدر المدرسي، وتوفير بنيات تربوية واجتماعية ملائمة خاصة في المناطق القروية والهامشية، إلى جانب تحسين الوضعية الاقتصادية للأسر عبر برامج دعم اجتماعي موجهة بدقة نحو الفئات الأكثر هشاشة.
كما يدعو الائتلاف إلى فرض إجراءات قانونية صارمة لمنع أي زواج خارج الأطر الرسمية، بما في ذلك زواج الفاتحة، باعتباره ممارسة تنتهك حقوق الطفلات وتشرعن حرمانهن من طفولتهن وتعليمهن وحياتهن الكريمة.
ويخلص ائتلاف دنيا إلى أن حماية الطفلات من الزواج المبكر تظل مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، وتتطلب إرادة سياسية قوية وتشريعات واضحة وحازمة، إلى جانب سياسات اجتماعية دامجة قادرة على ضمان الكرامة والمساواة والعدالة لكل طفلة مغربية.





