استثمار بمليارات اليوروهات في الربط البحري بين المغرب وفرنسا

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

وأوضح التقرير أن المشروع، الذي يربط بين مدينتي الناظور المغربية وفو سير مير الفرنسية، تصدّر جدول أعمال اللقاءات الثنائية، بما فيها الاجتماع الذي جمع وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، بنظيرها الفرنسي مارك فيراشي، في باريس يوم الجمعة 6 يونيو 2025.

وكشف التقرير أن التكلفة الإجمالية للربط البحري قد تتراوح بين 4.4 و9.4 مليارات يورو، بناءً على تقدير متوسط يبلغ 6.2 مليارات يورو، أي ما يعادل نحو 4.8 ملايين يورو لكل كيلومتر لنقل قدرة تصل إلى 2 غيغاواط. واستند هذا التقدير إلى معايير مرجعية، منها مشروع “Great Sea Interconnector” اليوناني القبرصي، مع مراعاة الارتفاع السنوي في أسعار الكابلات (بنسبة +25%) وأعمال التركيب (+10%) بين عامي 2023 و2025.

كما أكد التقرير أن هذه الكلفة تشمل نفقات غير مباشرة، مثل الدراسات البحرية، والتأمين، والأثر البيئي، إلى جانب تقسيم الكلفة بين المعدات (الكابلات بنسبة 45%) وخدمات التركيب (55%). وقد تم تضمين هامش عدم يقين واسع بين -30% و+50% نظراً لانخفاض نضج المشروع.

وأشار التقرير إلى أن الربط سيمتد على نحو 1300 كيلومتر تحت البحر الأبيض المتوسط، على أعماق تصل إلى 2800 متر، وهو ما يُعد رقماً قياسياً عالمياً لم يسبق تحقيقه في أي مشروع قائم أو قيد الدراسة. وبيّن أن هذه المعطيات تضاعف من صعوبة التحكم في الكلفة والمخاطر، في ظل غياب ضمانات كافية بشأن سرعة الإصلاح أو استقرار السوق.

ولفت التقرير إلى أن عمق البحر يجعل تقنية XLPE غير صالحة تقنياً، نظراً لاعتمادها على وصلات صلبة غير قابلة للتركيب على أعماق تتجاوز 1000 متر. وبدلاً من ذلك، أوصى التقرير باستخدام تقنية MI (المشبعة بالزيت)، التي أثبتت كفاءتها في الأعماق الكبيرة رغم محدودية قدرتها على نقل الطاقة.

ولتأمين قدرة نقل تبلغ 2 غيغاواط، أوضحت شبكة RTE أنه لا يمكن الاكتفاء بزوج واحد من كابلات MI المصنوعة من النحاس بسبب وزنها، ولهذا توصي باستخدام زوجين من كابلات الألمنيوم، ما يفرض تمديد أربعة كابلات على امتداد 1300 كيلومتر، أي ما يعادل 5200 كيلومتر من الكابلات البحرية.

وسجل التقرير أن هذا الطول الهائل يرفع تلقائياً من احتمالية الأعطال، بمعدل 0.18 عطل سنوياً على طول الخط، أي عطل واحد كل 5.5 سنوات لكل كابل، بناءً على بيانات مجلس CIGRE. كما أن فترة إعادة الخدمة بعد العطل قد تصل إلى 315 يوماً في أسوأ الحالات، نتيجة تعقيد العمليات وندرة الوسائل التقنية والكوادر المتخصصة.

وأكد التقرير أن هذا الوضع يهدد ربحية المشروع، خاصة إذا كان يعتمد على نموذج “خارج الشبكة” المخصص للتصدير فقط، حيث تُترجم كل نقطة مئوية مفقودة من التوافر إلى زيادة في كلفة الطاقة بمعدل 1 يورو لكل ميغاواط/ساعة.

وختم التقرير بالإشارة إلى أن مشروع الربط الكهربائي البحري بين المغرب وفرنسا يمثل مبادرة رائدة خارج المعايير التقليدية، لكنه يظل رهين معطيات تقنية واقتصادية دقيقة، تتطلب إدارة صارمة للمخاطر وحلولاً مبتكرة لضمان النجاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى