التقاعد.. النقابات ترفض الإصلاحات الانفرادية وتطالب بالشفافية في تدبير الصناديق في الاجتماع المرتقب 17 يوليوز

نجوى القاسمي

بعد سلسلة من التأجيلات، عادت الحكومة   من سباتها لتحريك ملف إصلاح أنظمة التقاعد، بإعلانها عقد الاجتماع الأول للجنة الوطنية للإصلاح يوم 17 يوليوز الجاري بمقر رئاسة الحكومة. الاجتماع يأتي استكمالا لمخرجات جولة الحوار الاجتماعي التي عُقدت في أبريل الماضي، والتي خلصت إلى تشكيل لجنة وطنية لإعداد تصور توافقي لهذا الإصلاح، استنادا إلى المبادئ التي تم الاتفاق عليها في اتفاق أبريل 2024.


ورغم ذلك، يخيم مناخ من الشكوك على هذا الاجتماع المرتقب، خاصة مع تواتر معطيات تفيد بأن الحكومة تتهيأ لاعتماد إصلاح “غير متوازن”، يعيد سيناريو الإصلاح الانفرادي لسنة 2016، ويحمل المنخرطين كلفة الأزمة من جديد.

الكونفدرالية الديمقراطية للشغل: “الإصلاح ليس سهلا ونعارض الثالوث الملعون

بوشتى بوخالفة، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، اعتبر أن الاجتماع المرتقب سيكون تمهيديا، مشددا على أن إصلاح أنظمة التقاعد “ليس ملفا سهلا كما يظن البعض. وأكد أن هناك فئات من المغاربة دفعت ضريبة الإصلاحات السابقة ولا يمكن تكرار نفس التجربة.

بوخالفة أشار إلى أن ما يعرف بـثالوث الإصلاح الملعون، الذي يقترح مجددا لحل أزمة صناديق التقاعد – والمتمثل في تخفيض المعاشات، زيادة نسبة الاشتراكات، ورفع سن التقاعد  لا يمكن القبول به. وأضاف: من حقنا أن نتساءل: أين ذهبت أموال صناديق التقاعد؟ وكيف وجدنا أنفسنا في هذه الوضعية؟ متهما الدولة بعدم تمويل صناديق التقاعد بالشكل الكافي، حيث ظل الأجير هو المساهم الوحيد في دعم الصناديق.

وأكد أن ثالوث الإصلاح الملعون سيكون من بين النقاط الأساسية التي ستناقشها الكونفدرالية خلال الاجتماع المرتقب، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة الزيادة في معاشات المتقاعدين الحاليين، وضرورة جعل سن التقاعد اختياريا وليس إجبارياً، حيث لا يجب فرض العمل حتى سن 65 على كل الأجراء. وتوقع بوخالفة أن الحكومة لن تُقدم على خطوات قد تكون محفوفة بالمخاطر اجتماعيا.

كما عبر عن شكوكه في أداء النقابات الممثلة بمجلس المستشارين، قائلا: لا يمكن أن نثق في النقابات الممثلة داخل مجلس المستشارين، لأنهم غالبا ما يصوتون بالإجماع على القرارات، في ظل تمثيلية محدودة للنقابات داخل الغرفتين لا تتجاوز 22 مقعدا.

وأكد: لن نقبل أن نكون طرفا في اتفاقات تُطبخ تحت الطاولة، حتى وإن كانت النقابات ذات تمثيلية وازنة ستصوت على القرارات”.

وختم بالقول: “الزيادات التي تم منحها للمتقاعدين مؤخرا كانت هزيلة جدا، وكشفت عن هشاشة أوضاعهم، وهو ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار حمايةً للأجيال القادمة من نفس المصير.

الاتحاد المغربي للشغل: المشكل في الحكامة وليس في النظام

بدوره، أكد ميلود موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أن الاختلالات المسجلة في صناديق التقاعد هي بالأساس مشاكل تتعلق بسوء الحكامة وليس بمشكلة في النظام نفسه.

وأوضح أن الاتحاد تلقى دعوة رسمية من رئيس الحكومة لحضور اجتماع 17 يوليوز، وأنه سيشارك في اللقاء بـنية صادقة من أجل الوقوف على حقيقة الملف والتعبير عن موقفه بوضوح.”

وشدد موخاريق على أن الحكومة تفرض السيناريو الجاهز الذي وجدته، والذي يقوم على رفع سن التقاعد، تخفيض المعاشات، وزيادة نسبة الاشتراكات، وكأن هذه هي الحلول الوحيدة، وهو أمر مرفوض.

وأضاف أن الاختلالات التي تعرفها صناديق التقاعد يجب أن تطرح على طاولة النقاش بكل شفافية، لكن لا يمكن أن تكون الحلول دائمًا على حساب الأجراء.

وأشار إلى أن الوضعية المالية للصندوق المغربي للتقاعد تحتاج إلى تقييم دقيق، مع ضرورة معرفة مصير مدخرات الصندوق وكيف يتم تدبير استثماراته.

وانتقد موخاريق غياب الحكامة داخل الصندوق المغربي للتقاعد، قائلا: هذا الصندوق يفتقر إلى وجود مجالس إدارية حقيقية ولا يضمن تمثيلية كافية للمنخرطين داخل أجهزته التسييرية.

وأكد أن سن التقاعد سيكون من بين أبرز النقاط التي سيدافع عنها الاتحاد المغربي للشغل خلال الاجتماع، مشددا على أن “المرأة العاملة لا يمكن إرغامها على الاستمرار في العمل حتى سن 65، وأن بعض المهن الشاقة تستدعي التقاعد المبكر حفاظاً على صحة العاملين بها.

الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب: الحكومة تنهج مقاربة إقصائية

من جانبه، أكد محمد زويتن، الأمين العام لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن نقابته لم تتلق إلى حدود الآن أي دعوة رسمية من الحكومة للمشاركة في اجتماع إصلاح التقاعد.” وأضاف أن “النقابة تعتبر نفسها طرفًا أساسياً وشريكًا وازناً في الساحة النقابية لا يمكن تجاهله.

وأوضح زويتن أن الحكومة تعتمد مقاربة إقصائية تجاه النقابات المستقلة”، مشيراً إلى أن “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب سبق أن نبه إلى هذه المقاربة داخل مجلس المستشارين. وأكد أن هذا الإقصاء تكرر في ملفات كثيرة، مثل قانون الإضراب، نظام الإدماج، والأنظمة الأساسية لقطاع التعليم، والتي تم تمريرها دون توافق حقيقي مع الفرقاء الاجتماعيين.

وأشار زويتن إلى أن إصلاح التقاعد هو قضية مجتمعية تهم كل الأسر المغربية، ويتطلب فتح نقاش وطني جاد ومسؤول يتسم بالشفافية والنزاهة، مع إشراك النقابات، البرلمان، الأحزاب السياسية، والمجتمع المدني.”

وشدد على أن حقوق ومكتسبات المتقاعدين هي خط أحمر لا يمكن المساس به”، معتبراً أن “أي إصلاح لنظام التقاعد يجب أن يقوم على مبدأ صون حقوق هذه الفئة التي أفنت سنوات عمرها في خدمة الوطن.”

ودعا زويتن إلى اعتماد مقاربة عادلة ومنصفة تحمي المتقاعدين الحاليين والمستقبليين من دفع فاتورة اختلالات لم يكونوا مسؤولين عنها”، مؤكداً أن “سن التقاعد يجب أن يكون اختيارياً وليس إجبارياً، ويجب أن يراعي خصوصيات المهن الشاقة.

كما طالب بضرورة تحسين أوضاع المتقاعدين عبر الرفع من المعاشات التي لم تعد تواكب ارتفاع تكاليف المعيشة، مؤكداً أن الأولوية اليوم هي التصدي لغلاء الأسعار وحماية القدرة الشرائية للطبقة العاملة، قبل الحديث عن إصلاحات مالية على حساب الأجراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى