الحكومة تواصل دعم الورش الاجتماعي والواقع الميداني يطرح أسئلة الإنصاف والفعالية

فاطمة الزهراء ايت ناصر
يعد ورش الدعم الاجتماعي المباشر أحد أهم المشاريع الاجتماعية الكبرى التي أطلقتها الحكومة المغربية تحت التوجيهات الملكية، بهدف تعزيز العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق الاقتصادية والمجالية، عبر تقديم دعم مباشر للأسر المعوزة وضمان استفادتها من خدمات الرعاية الأساسية.
غير أن هذا الورش، الذي يفترض أن يكون رافعة للتحول الاجتماعي في المغرب، ما زال يواجه عددا من الإكراهات الميدانية والهيكلية التي تثير نقاشا واسعا داخل الأوساط السياسية والمجتمعية.
في جوابها على سؤال كتابي وجهته النائبة البرلمانية سكينة لحموش عن الفريق الحركي، أكدت وزارة الاقتصاد والمالية أن الحكومة ملتزمة بضمان استدامة تمويل هذا الورش الوطني، من خلال تعبئة موارد مالية قدرت بـ 44.6 مليار درهم إلى غاية شتنبر 2025، مبرزة أن الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي تسهر على تفعيل آليات المواكبة الميدانية للأسر المستفيدة، خاصة في مجالات التعليم والصحة والتغذية، وفق مقاربة تراعي الخصوصيات المحلية لكل أسرة.
وأوضحت الوزارة أن الوكالة تعمل على إرساء نظام تتبع دقيق لتقييم الأثر الاجتماعي للبرنامج، وعلى إدماج المستفيدين ضمن مسارات اقتصادية منتجة تسهم في تمكينهم من الاستقلال المالي وتعزيز كرامتهم، مؤكدة أنها ملتزمة بتوسيع مصادر التمويل وضمان استمرارية الدعم في إطار حكامة فعالة وشفافة”ط.
غير أن هذه الصورة الرسمية الإيجابية تصطدم بتقارير ميدانية وإعلامية تبرز مجموعة من الاختلالات في تنزيل الورش، أبرزها ضعف دقة الاستهداف، حيث تم رفض آلاف الطلبات بسبب إشكالات تقنية أو غياب بيانات محدثة، وهو ما أثار انتقادات حول عدالة الاستفادة.
كما أشارت تقارير أخرى إلى بطء معالجة الملفات وتأخر صرف التعويضات، خصوصا في المناطق القروية والهامشية التي يصعب فيها الولوج إلى الخدمات الرقمية والإدارية.
إلى جانب ذلك، رصدت مؤسسات مدنية وحقوقية اختلالات في التنسيق المؤسسي بين المتدخلين في مجالات الحماية الاجتماعية، ما يؤدي إلى تشتت البرامج وضعف نجاعة الإنفاق العمومي، فيما حذرت دراسات اقتصادية من أن الاعتماد المفرط على التمويل العمومي دون تعبئة موارد دائمة قد يثقل كاهل الميزانية ويؤثر على الاستثمار في قطاعات أخرى حيوية كالتعليم والصحة.
ورغم الجهود الحكومية المبذولة لتجويد الآليات، يرى عدد من الخبراء أن ورش الدعم الاجتماعي يحتاج إلى إصلاح بنيوي عميق يشمل تطوير نظام الاستهداف، وتبسيط المساطر الإدارية، وتكثيف التواصل مع المواطنين لضمان الشفافية والثقة.
كما يدعون إلى وضع نظام تقييم دوري للأثر الاجتماعي والاقتصادي للبرنامج، من أجل الانتقال من منطق المساعدة إلى منطق التمكين.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الاقتصاد والمالية أن الحكومة تسير بثبات نحو استدامة هذا الورش الكبير، فإن تحدي الميدان يبقى هو الاختبار الحقيقي لنجاحه، فحسب الاخصائين فالمواطن ينتظر اليوم أكثر من الدعم المالي؛ ينتظر منظومة متكاملة تضمن الكرامة والإنصاف والاندماج الفعلي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.





