الحكومة خارج نطاق التغطية
خديجة بينس: صحافية متدربة
في ظل الأحداث المتتالية التي يعيشها المغرب، بدءًا من الارتفاع المستمر للأسعار، مرورًا بالسيول والفيضانات، وصولًا إلى أحداث 15 شتنبر في الفنيدق، برزت تساؤلات عديدة لدى الرأي العام حول دور الحكومة في مواجهة هذه التحديات، خاصة وأنها لم تواكب ولم تتواصل مع المواطنين، الأمر الذي بدى وكأنما الحكومة لها مشاغل ومآرب أخرى غير هموم ومشاكل المواطنين.
في هذا السياق، أكد إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، على أن الحكومة كان الأجدر بها أن تظهر وتتواصل مع المواطنين، مشددًا على أن المغرب يمر بأحداث تستدعي التوضيح والتعامل بجدية مع القضايا الملحة.
واعتبر المتحدث في تصريح ل “إعلام تيفي” أن التواصل في هذه الظرفية يعد أمرًا أساسيًا، إلا أن الحكومة تتهرب من هذا الواجب وتتعامل بسياسة الأذن الصماء. مبرزا أن غياب التواصل يؤدي إلى إحباط المواطنين ويزيد من شعورهم بالانفصال عن حكومتهم.
وأشار السنتيسي إلى ضرورة مساءلة المؤسسات العمومية عن دورها في خدمة المجتمع، معتبرًا أن غياب التواصل هو معضلة الحكومة الحالية.
وتابع المتحدث مبرزا أنه تم تنبيه الحكومة غير ما مرة إلى هذا الغياب السياسي عن مشاكل المواطنين، وكان رد الحكومة أنها تعمل في صمت وستتكلم بالإنجازات. إلا أن غياب الإنجازات هو ما يجعل الحكومة صامتة اليوم، وهو ما يشير إلى فشلها في تحقيق الوعود التي قدمتها.
واستطرد السنتيسي موضحًا أن الحكومة تعهدت بوعود والتزمت ببرنامج عليها تنفيذه، لكن بعد مرور أكثر من نصف الولاية الحكومية، لا تزال تلك البرامج حبرًا على ورق، وبقيت حبيسة رفوف ديوان الأمانة العامة للحكومة.
وشدد على ضرورة الانتباه إلى التقارير الرسمية التي تصدرها الحكومة، التي تتنافى مع الواقع المعاش للمواطنين. فبينما تصرح الحكومة بأن الوضع جيد، نجد أن الواقع على الأرض يعكس عكس ذلك تمامًا، وكان التقارير تصدر عن جهات أخرى وتخص مجتمع اخر غير الذي نعيش فيه.
في هذا الصدد تحدث السنتيسي عن سياسة الحكومة في تسويق الأمل لمواطنيها، مشيرًا إلى أن الجرعة التي تقدمها الحكومة المغربية من الأمل زائدة عن المعقول. هذا الأمر يخلق شعورًا بالإحباط بين المواطنين، الذين يجدون أنفسهم في واقع معقد وصعب في ظل غياب تام لمدبري أمورهم.
وفي ختام تصريحاته، أكد السنتيسي على ضرورة تضافر الجهود وتماهي الانتماءات السياسية للعمل على إخراج المغرب من الأزمة الحالية. ودعا الأحزاب السياسية والمسؤولين إلى الاتحاد لمواجهة التحديات، سواء كانت تتعلق بالتغيرات المناخية، أو ارتفاع الأسعار، أو البطالة التي يعاني منها الشباب.
وأوضح أن هذا التعاون يجب أن يأتي بغض النظر عن الانتماءات الحزبية، مع التركيز على مصلحة الوطن أولاً. في زمن يعيش فيه الشباب تحت وطأة البطالة والفقر، بات من الضروري أن تتوحد الجهود لإيجاد حلول واقعية وعملية تعيد الأمل للمواطنين وتحسن ظروف حياتهم.
الحكومات تمثل الشعوب وتلتزم بوعودها معهم، والمواطنون ينتظرون من حكومتهم أن تكون صوتًا لهم، وليس صوتًا لنفسها، وأن تعمل على تحقيق التقدم الذي يتطلعون إليه.
الشعور بالانفصال بين الحكومة والمواطنين في المغرب يزداد يوما بعد يوم، مما يتطلب تغييرات جذرية في النهج الحكومي، لضمان تحقيق التوازن بين المسؤوليات الحكومية واحتياجات الشعب.
فالشعب المغربي يستحق حكومة تلتزم بخدمة مصالحه وتكون قريبة من همومه، لا حكومة تعيش في عالم من الأوهام وتغني خارج السرب.