الرجاء الرياضي..من قمّة الأمجاد إلى دوامة الإخفاقات

فاطمة الزهراء ايت ناصر

لم يكن أحد يتوقّع أن يتحوّل وهج المجد إلى رماد، ولا أن يتحوّل الرجاء الرياضي، الذي أنهى الموسم الماضي متوَّجًا بالذهب وواقفًا على عرش الكرة الوطنية، إلى فريق تائه بين الهزائم والخيبات.

من فريق يُرعب خصومه إلى مجموعة تبحث عن ذاتها في مرايا مكسورة، موسم جاء كصفعة قوية، كشَرخ عميق في جدار التاريخ، لينذر بأن شيئًا ما انكسر في قلب المنظومة، وأن الرجاء، بكل مجده، لم يكن محصنًا من الانهيار.

كل شيء بدأ حين انفرط عقد الاستقرار، وبدأت مقصلة التغييرات تضرب رأس الجهاز الفني دون هوادة.

زينباور، الذي غادر في لحظة ارتباك، خَلَفه سفيكو البوسني، لكنه بدا كمن دخل نادياً لا يعرفه، تائهاً وسط ضغط لا يُحتمل. ثم جاء البرتغالي ريكاردو سابينتو، بصخب شخصيته وقوة حضوره، لكن وهج البداية خفت سريعاً، وتحولت الآمال إلى سراب، وفشل الرجل في إعادة التوازن إلى كيان يتهاوى من الداخل. الفريق بدا بلا روح، بلا خطة، بلا هوية. النتيجة كانت انهياراً تدريجياً ومؤلماً، مباراة تجرّ أختها، وخيبة تعقبها أخرى.

لكن الأزمة لم تكن فقط على العشب، بل في دم الرجاء نفسه.. النزيف كان صامتاً لكنه قاتل، برحيل لاعبين كانوا الأعمدة التي يقف عليها هذا الصرح. موهوب، بوزوق، المكعازي، الزرهوني، مقدم، زريدة، وحتى القائد أنس الزنيتي… أسماء لم تكن فقط لاعبين، بل كانوا نبض الرجاء في لحظات الانتصار، رحلوا بصمت، وتركوا خلفهم فراغاً لم تستطع التعاقدات الجديدة ملأه. الفريق فقد توازنه، فقد صلابته، وفقد تلك النار التي كانت تشتعل في العيون قبل كل لقاء.

الجماهير لم تصمت، ولم تغفر. صوت المدرجات ارتفع، صارخاً في وجه المسؤولين، مندداً بهذا الانحدار، مطالباً بالمحاسبة، بالثورة، بإعادة بناء نادٍ لا يستحق إلا القمة. لكن في المقابل، ظهرت أصوات أكثر هدوءاً، تنادي بالعقل، بضرورة التريث، ببناء مشروع طويل الأمد لا يقوم على مسكنات موسمية بل على رؤية، واستقرار، وإيمان بقدرات الشباب.

 الرجاء اليوم يقف على مفترق طرق. إما أن يكون هذا الموسم جرحاً عابراً في جسد لا يموت، أو أن يكون بداية لتيه أطول، لا يُعرف مداه. كل شيء الآن مُعلّق، وكل الجواب مؤجل… إلى حين، إلى ما سيُحمله الغد، أو ما سيفرضه الجمع العام القادم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى