الرميد: العلاقة بين السياسي والصحفي مسؤولية مشتركة في إطار المحاسبة والاحترام المتبادل”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
في سياق النقاش الدائر حول دور الإعلام والعلاقة بين السياسيين والصحفيين، قدم الوزير السابق مصطفى الرميد قراءة تؤكد أن السياسي ليس بالضرورة عدوًا للصحفي، كما أن الصحفي ليس عدوًا بالضرورة للمسؤول السياسي. بل إن العلاقة بين الطرفين تحمل في طياتها تحديات ومسؤوليات مشتركة تفرضها طبيعة العمل السياسي والإعلامي على حد سواء.
وكشف الرميد في تدوينة له في الفايسبوك عن التوتر القائم بين السياسي والصحفي، مشيرًا إلى أن المسؤول السياسي يميل غالبًا إلى التبرم من المتابعة الإعلامية التي تتسم بالنقد أو التحقيق الاستقصائي، خاصة عندما تكشف عيوبًا في تدبيره أو أخطاء في قراراته. بالمقابل، يكره الصحفي أن يتعرض للمقاضاة من المسؤول السياسي، في إطار دفاعه عن الحق في نشر الحقيقة وفضح الكذب، وحماية لكرامته المهنية والشخصية.
في هذا السياق، أكد الوزير السابق على مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، بحيث يتحمل كل من السياسي والصحفي مسؤولية أفعاله وتصرفاته. فالسياسي مسؤول عن قراراته وأداء مهامه، بينما الصحفي مسؤول عن صحة أخبار وتعاليقه. وأي ادعاءات فساد أو فقدان النزاهة التي لا يرد عليها السياسي عبر وسائل قانونية، تعني في نظر الرميد استسلامًا ضمنيًا لصحة ما ورد، مما يوجب عليه اتخاذ خطوات جادة مثل الاستقالة أو القبول بالإقالة.
من جهة أخرى، يعتبر اللجوء إلى القضاء وسيلة مشروعة يحترمها الرميد، إذا كان المسؤول السياسي يرى أن تقريرًا أو مقالًا قد أساء إلى سمعته دون أساس. فهذه الخطوة تعكس احترامًا للصحافة التي يفترض أن تبقى منفتحة على النقد، وتحترم في الوقت نفسه السمعة الشخصية للمسؤول. لكن الرميد يشدد على أن هذا اللجوء إلى القضاء يجب أن يكون بهدف كشف الحقيقة لا الانتقام أو التنكيل.
ونوه الرميد أيضًا إلى أن الاعتذار الصحفي عن أي خطأ أو إساءة، يجب أن يشكل صك تبرئة ويُغلق الباب أمام أي متابعة قضائية، مؤكدًا أن هذا النهج يعزز مناخًا أكثر شفافية ونزاهة في الحياة السياسية والإعلامية.
علاوة على ذلك، أكد الوزير السابق على أن متابعة أي شخص، سواء كان صحفيًا أو مدونًا أو غير ذلك، لا يجب أن تخرج عن إطار القانون، لا سيما مدونة الصحافة والنشر. ويشير إلى المواد القانونية التي تجرم نشر الأخبار الكاذبة أو الادعاءات الزائفة، مع تأكيد أهمية حسن النية في العمل الإعلامي.
ويعتبر الرميد أن وجود رقابة إعلامية مسؤولة يقود المسؤول السياسي إلى مزيد من اليقظة والحرص على احترام القانون، بينما يدفع اللجوء إلى القضاء الصحفي إلى تحري الدقة والابتعاد عن نشر الأخبار الزائفة. وهذا التوازن هو ما يخدم، في النهاية، تطور الديمقراطية وممارسة الحياة السياسية والإعلامية بشكل سليم.