السكوري والاختراق.. حين تُخترق السيادة بصمت
اعلام تيفي

إعلام تيفي _ الرباط
في سابقة رقمية مُخجلة، اخترقت مجموعة جزائرية تُدعى “جبروت” الموقع الرسمي لوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، فوجدنا أنفسنا أمام وزير سلّم مفاتيح البوابة الرقمية ليد الفوضى، مكتفيا بالمشاهدة من بعيد، وكأن الأمن السيبراني كمالية إدارية لا تدخل ضمن مهام “الإدماج الاقتصادي”.
والأطرف من كل هذا، أن الوزير لم يتحدث، بل أعطى لسانه لمصدر مجهول كي يتحدث نيابةً عنه. “مصدر مسؤول” قال في تصريحات مُعمّمة إن الموقع “إخباري فقط” ولا يتضمن معطيات حساسة…
هكذا ببساطة!
وكأننا أمام موقع لنشر الوصفات المنزلية، لا نافذة رقمية رسمية لقطاع حيوي في مملكة عريقة. عذر مهزوز، يزيد من هشاشة الرد أكثر مما يبرّره، ويُظهر أن ما فُقِد ليس المعطيات فقط، بل أيضا الشعور بالمسؤولية السياسية، في لحظة حساسة تضع البلاد أمام تحديات حقيقية تتعلق بالسيادة الرقمية.
هل أصبح هذا الاختراق أمرا عاديا؟
وهل بات من المقبول أن تُخترق مؤسسة حكومية مغربية، ويُتعامل مع الحدث وكأنه فقط تفصيل تقني؟
الأدهى من ذلك، أن يتحوّل هذا الاعتداء السيبراني إلى “إنجاز بطولي” في نظر الإعلام الرسمي وغير الرسمي للجارة السوء، التي صفّقت مطولا لما اعتبرته “نصرا رقميا” و”غنيمة سيبرانية” مليئة بأسماء وأجور المغاربة! فهل بلغ بنا التهاون حدّ أن نتيح لخصوم وحدتنا الترابية فرصة استعراض العضلات فوق مؤسساتنا، بينما يلتزم المعنيون الصمت، أو يكتفون بتصريحات باردة منسوبة إلى “مصدر مسؤول” لا نعرف له إسما ولا مسؤولية؟
المجموعة المُخترِقة لم تكتفِ بالتلاعب بالموقع، بل نشرت خريطة استفزازية تمس وحدة المغرب الترابية، في رسالة تتجاوز حدود القرصنة التقنية إلى الاستفزاز السياسي. ومع ذلك، لم تتعامل الوزارة مع الحادث بما يليق من الجدية، بل اكتفت بتصريحات مرتبكة تتبرأ من الوثائق المتداولة، وتتنصّل من المسؤولية، وكأنها فوجئت بوجود الموقع من الأساس.
أما الوزير، الذي لا يُفوّت مناسبة للحديث عن الرقمنة، والإدماج المقاولاتي، ومخططات الشغل والتشغيل، ومحاربة البطالة، فقد كشف هذا الحادث أن رقمنته بلا حماية، وإدماجه بلا تصور، وخطابه بلا مضمون.
فهل يُعقل أن وزارة يُفترض أن تكون رائدة في تشغيل الكفاءات، تعجز عن تشغيل نظام أمني رقمي يحمي صورتها وسمعتها؟
إننا لا نُطالب الوزير بالانسحاب، ولا بالاعتذار، ولا بشيء من هذا القبيل… فقط نرجو أن يتذكّر، هو وفريقه، أن الحروب لم تعد تُخاض بالسلاح فقط، بل بالمعطيات أيضا، وأن الأمن السيبراني اليوم أحد أركان السيادة الوطنية. وما نأمله مستقبلاً، أن نرى وزارة تُشغّل الحماية قبل الشعارات، وتُدمج الجدية قبل “البلاغات المجهولة”، في بلد يواجه يوما بعد يوم تحديات السيادة الرقمية بثقة… لا بالارتباك.