الشباب المغربي ثروة تنهب آماله وتقتل أحلامه في وطنه

 

خديجة بنيس: صحافية متدربة

لطالما تساءلنا: أين الثروة؟ أين الموارد؟ أين المعادن والثروات الطبيعية التي تزخر بها بلادنا؟ وفي القريب العاجل، سنتساءل: أين الثروة الحقيقية، وأين الأمل والطموح والإبداع؟ أين عماد الأمة؟

المواطن المغربي اليوم يواجه نهب الآمال وقتل الطموح وسلب الأحلام من نبض الوطن. الثروة المادية تُعوض، ولكن ماذا عن الثروة الحقيقية؟ ماذا لو فقدنا الشباب، الكفاءات، والعقول التي تشكل عصب المستقبل؟ إن ضياع هذه الثروة يعني فقدان وطن بأكمله، فلا يمكن لأي مجتمع أن ينهض دون طموح شبابه وأحلامهم. التعامل المتصلب مع القضايا المصيرية وغياب المرونة من المسؤولين سيقودنا إلى  ما لايحمد عقباه.

إذا لم ننصت اليوم لصوت الشباب، فسيأتي اليوم الذي نُسائل فيه عن فقدان الأمل والطموح، ولن نملك إلا أن نأسف على ضياع هذه الثروة الحقيقية. إن تجاهلنا لمطالبهم وآمالهم سيقودنا نحو مستقبل مظلم، حيث يصبح الوطن فارغًا من أحلام أبنائه.

وجوه الشباب اليوم يملؤها اليأس، ونخبة المجتمع تتذمر  مما وصلت إليه الأوضاع. الجميع مذهول من صمت الحكومة المخزي أمام هذه الأحداث التي تهدد مستقبل الأمة بأكملها.

إن سياسة الحكومة غريبة وغير مفهومة، حتى أكثر الحكومات قسوة لم تكن لتسلك هذا الطريق، غياب الرؤية الواضحة وانعدام المسؤولية يُثيران تساؤلات عميقة: ما الذي تأمل الحكومة تحقيقه من وراء هذا التعنت الذي يضر بالوطن وأهله؟

الشباب، الأسر، والمجتمع بأكمله يُعاني من هذا الجمود، عماد الأمة ينهار، والحكومة تتشبث بمواقفها وكأنها في سباقٍ مع الزمن. لقد أصبحنا نعيش في ظل حكومة تسعى فقط لتأجيل الأزمات، غير مدركة أن الأزمات الحقيقية تتفاقم يوماً بعد يوم.

النهج الذي اتبعته الحكومة المغربية في تعاملها مع ملفات الشباب، كأنما يقول: “اللي بغا يربح العام طويل”. لكن ما الفائدة من طول الزمن إذا كان الوطن يفقد شبابه وأمل الغد؟

الشباب هو الثروة الحقيقية، وهو القوة التي تقود التغيير وتصنع المستقبل، لا يمكن لأي دولة أن تنجح أو تتقدم دون شبابها، فالشباب هم من يخلقون الثروات من العدم، هم من يبنون المجتمعات ويحولون الأحلام إلى واقع،  لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه اليوم: ماذا سيبقى من المغرب إذا فقدنا شبابنا؟ ماذا سنخلق إذا اختفى الأمل من قلوبهم؟

لقد فقد الشباب الثقة في وطنهم، في مؤسساته، وفي مستقبله. لم تعد الهجرة خيارًا صعبًا أو مخاطرة، بل أصبحت أملًا يتشبث به العديد منهم. لسان حالهم يقول “رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُون “.

كيف يمكن أن نلوم شابًا على رغبته في مغادرة وطنه إذا كان يشعر بأن البقاء فيه هو قتل لأحلامه؟ من الأساتذة المتعاقدين إلى حاملي الشهادات المعطلين وصولا إلى طلبة الطب ، يعيد التاريخ نفسه في سلسلة من الإحباطات التي تزيد من تفاقم الوضع.

إن استمرار هذا الوضع هو طريق نحو فقدان المستقبل. البلاد في طريق النمو، بحاجة شبابها وتفانيهم وجهدهم، لذا نحن بحاجة إلى حلول جذرية وعاجلة، تبدأ من إعادة بناء جسور الثقة بين الحكومة والشباب.

يجب أن يُعطى الشباب فرصة ليكونوا جزءًا من الحل، لا أن يتم تهميشهم أو تجاهلهم. إعادة الأمل تبدأ من الاستماع إلى أصواتهم وتلبية احتياجاتهم، وما نراه اليوم من هجرة جماعية هو نتيجة حتمية لتجاهل صوت هذه الفئة الحيوية.

المستقبل لن يُبنى إلا بشباب قوي، طموح، وواثق. إذا لم نُدرك هذه الحقيقة اليوم، فإننا سنواجه غدًا خاليًا من الكفاءات، خاليًا من الأحلام، وخاليًا من الأمل. لنستعد جميعًا لبناء وطن يسع آمال الشباب ويحتضن أحلامهم، ولنجعل من صوتهم منارةً تقودنا نحو مستقبلٍ مشرق، حيث تُصان الكرامة وتُعزز الفرص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى