
حسين العياشي
في قلب قبة البرلمان المغربي، اندلعت فوضى غير مسبوقة خلال جلسة الأسئلة الشفوية التي عقدت يوم الاثنين، إثر توتر شديد بين رئيس الجلسة إدريس الشطيبي عن الفريق الاشتراكي وعدد من نواب الأغلبية. بدأت الأزمة عندما وجّه الشطيبي انتقادات حادة لغياب بعض الوزراء عن الجلسات البرلمانية، في وقت كانوا يتوافدون فيه على اللقاءات الحزبية بمختلف الأقاليم، مستشهداً بحضورهم إلى إقليم صفرو بعدد أكبر من الذي يحضرون به لجلسات البرلمان.
وفي هذا السياق، أكد الشطيبي أن حضور الوزراء إلى البرلمان ليس خياراً سياسياً بل هو التزام دستوري واضح وفق الفصل 100 من الدستور المغربي، الذي يفرض على الوزراء المثول أمام النواب للإجابة على أسئلتهم. كما أشار إلى أن غياب الوزراء أصبح “سلوكاً متكرراً”، حيث لم يحضر الوزراء المعنيون جلسة واحدة إلا مرة واحدة منذ بداية الولاية. وذكّر بالتوافق السابق بين المجلس والحكومة على ضرورة أن يحضر كل وزير على الأقل مرة واحدة شهرياً للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بقطاعه.
في نفس السياق، أثار رئيس فريق التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، نقطة نظام أثناء الجلسة، حيث شدد على أن النظام الداخلي للمجلس واضح في هذا الشأن. وقال حموني إن غياب الوزراء عن الجلسات البرلمانية يجب أن يكون مبرراً إما بسبب مهمة خارج البلاد أو نشاط ملكي، مشيراً إلى أنه “لا مبرر قانوني أو دستوري لغياب الوزراء عن جلسات المساءلة البرلمانية في غير هذه الحالات”. وعبّر عن استغرابه لغياب أربعة وزراء دفعة واحدة، مؤكداً أن مثل هذا التصرف غير مقبول في إطار مسؤولياتهم الدستورية.
لكن هذه الانتقادات أثارت موجة من الاعتراضات بين نواب الأغلبية، الذين اعتبروا أن النقاش قد انحرف عن هدفه المتمثل في الأسئلة الشفوية، وأن رئيس الجلسة حوله إلى مناسبة للحديث عن دائرته الانتخابية. ودافع بعض النواب عن زيارة الوزراء لإقليم صفرو، مشيرين إلى أن تلك الزيارات تأتي في إطار تنفيذ التوجيهات الملكية التي تهدف إلى تعزيز التواصل المباشر مع المواطنين.
وفي تصعيد للجدل، وجه الشطيبي رسالة حادة لكل من دافع عن غياب الوزراء غير المبرر، قائلاً: “كل من لا يدافع عن احترام القوانين ومؤسسات الدولة، مكانه ليس هنا داخل قبة البرلمان”. وأضاف بنبرة شديدة، “من لا يحترم القانون ومن لا يحرص على تطبيقه، ينبغي أن يعيد النظر في وجوده هنا، لأنه قد يكون موجوداً بالخطأ”. هذه الكلمات أكدت من جديد على حدة الخلاف بين الأطراف المعنية، وأثارت المزيد من النقاش حول مدى احترام الحكومة لالتزاماتها الدستورية.
هذه الحادثة تبرز التوتر المتجدد بين رئاسة الجلسات وبعض مكونات الأغلبية في البرلمان حول مسألة المساءلة البرلمانية واحترام القوانين. وهي قضية سبق للمعارضة أن أثارتها في دورات سابقة، وقد ازدادت أهميتها مع تكرار غيابات الوزراء وارتفاع مستويات الاستياء داخل قبة البرلمان.





