الشعبي: مقاييس دعم الصحافة تضر بالمقاولات الصغرى وتُعزز احتكار الكبرى

إيمان أوكريش: صحافية متدربة

أوضح إبراهيم الشعبي، صحافي ورئيس المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح لـ”إعلام تيفي” أن الإجراءات المتخذة من قبل وزارة الاتصال بشأن دعم الصحافة في المغرب أثارت العديد من الانتقادات، خاصة من قبل الفاعلين في القطاع الإعلامي.

وقال إن الحكومة لم تستشر المؤسسات الصحفية الكبرى، مثل الفيدرالية المغربية لناشري الصحف التي تمثل أكثر من 370 مقاولة صحفية، وتعد رقمًا أساسيًا في القطاع، بل استشارت فقط جمعية حديثة العهد تأسست عام 2020، والتي حصلت على دعم قدره 20 مليار درهم من الوزير السابق عثمان الفردوس، لكنها لم تحقق أي تقدم يُذكر في تطوير الصحافة أو تحسين أوضاع الصحافيين، بما في ذلك الأجور في مؤسساتها.

وأشار الشعبي إلى أن الدعم الذي تم منحه في عام 2020 لم يسهم في تحسين الوضع بشكل ملحوظ، مما يثير تساؤلات حول جدوى استمرار دعم هذه الجمعيات والمقاولات الكبرى في ظل غياب نتائج ملموسة.

وتابع أن الحكومة بصدد تخصيص حوالي 30 مليار درهم للمقاولات الصحفية الكبرى، وهو ما اعتبره غير منطقي، حيث إن الدعم يجب أن يُوجه بشكل أساسي إلى المقاولات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل غالبية القطاع الإعلامي في المغرب.

كما أكد أن المقاييس التي اختارتها وزارة الاتصال، التي تعتمد فيها على رقم المعاملات كمؤشر رئيسي لتوزيع الدعم، ستساهم في إقصاء المقاولات الصحفية الصغيرة التي تمثل أكثر من 75%، وهي مقاولات لا يمكن أن تصل إلى أرقام معاملات ضخمة مثل الشركات الكبرى.

ونبه الصحافي إلى أن هذا المقياس، الذي يركز على الأرقام المالية الضخمة، يهمش المقاولات الصغيرة التي لا تمتلك القدرة على الوصول إلى هذه الأرقام، حتى وإن كانت تساهم بشكل كبير في خلق فرص العمل وفي تنوع المشهد الإعلامي.

ولفت إلى أن الوزارة الوصية تحاول دمج المقاولات الصحفية الجهوية، لكن هذا الحل لن يعالج المشكلة الأساسية، إذ إن المقاييس الحالية ستظل تركز على الشركات الكبرى، التي تحقق معاملات تفوق بكثير الـ 200 مليون درهم.

وحذر الشعبي من إمكانية تدمير هذه السياسات للمقاولات الصحفية الصغيرة والمتوسطة، التي تشغل العشرات من الصحافيين والتقنيين، مما يهدد بتفاقم البطالة في القطاع.

كما أبرز أن إقصاء هذه المقاولات سيؤدي إلى احتكار القطاع من قبل الشركات الكبرى، مما سيحد من التنوع الإعلامي ويقوض التعددية في الصحافة المغربية. مؤكدا أن الحكومة، رغم محاولتها معالجة هذه المشاكل، إلا أنها لا تزال مركزة على دعم المقاولات الكبيرة التي لا تحتاج إلى الدعم، في مخالفة للمبادئ الأساسية التي تقوم عليها سياسات دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة على مستوى العالم.

وفي ختام تصريحه، طالب الشعبي الحكومة بإعادة النظر في هذه المقاييس التي اختارتها وزارة الاتصال، مؤكدًا أن دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة يجب أن يكون الأولوية، كما هو معمول به في كافة القوانين الدولية والإقليمية، موضحا أن دعم المقاولات الكبرى لا يتماشى مع المنطق الاقتصادي، بل يجب أن يُوجه إلى المقاولات الصغيرة التي لتستطيع تحقيق النمو والتطور، بينما يجب رفع الدعم عن الكبرى لأنها مستقرة اقتصادياً.

يذكر أن في اجتماع سابق للجنة التعليم بمجلس النواب، انتقد نواب برلمانيون المنهجية التشاركية في إعداد مرسوم دعم الصحافة الوطنية، معتبرين أنه انحاز لمكون واحد خلال مرحلة إعداده.

وفي الوقت الذي أثنى فيه ممثلو الأغلبية الحكومية على قرارات الحكومة وتجاوز النقاط المثيرة في المرسوم والتي أثارت حفيظة مكونات القطاع الإعلامي، كانت ممثلة حزب العدالة والتنمية الوحيدة بين الحاضرين التي سجلت تحفظ جزء واسع من الجسم الإعلامي على المعايير التي ستعتمد لمنح الدعم العمومي.

وقد آثر محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، تفادي التطرق للنقاط المثيرة للجدل في المرسوم، مدافعًا عن قرار الحكومة باعتماد نظام جديد في توزيع الدعم ،بعد نهاية مرحلة الدعم الاستثنائي المعتمدة منذ 2020 بسبب جائحة كورونا، والتي ستنتهي في شهر مارس المقبل.

ودعا المقاولات الصحفية إلى تعديل وضعيتها للاستفادة من الدعم، مشيرًا إلى أن الوقت قد حان للحديث عن نموذج اقتصادي جديد للمقاولة الصحفية المغربية، قادر على خوض المعركة التواصلية على المستوى الدولي.

وأكد بن سعيد على تشبث الحكومة باعتماد الدعم العمومي وفق معايير تتعلق بكلفة الأجور والإنتاج، رغم احتجاج بعض مكونات الجسم الإعلامي على إقصاء فئات واسعة مهددة بالإغلاق بسبب المرسوم الجديد. كما انتقد ما اعتبره ترويجًا لأخبار غير صحيحة من قبل بعض النواب أو الصحفيين المهنيين في المغرب.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى