الشمس الحارقة تهدد العمال وحقوقيون يحذرون من انتهاك حقوقهم

إيمان أوكريش

في خضم التحضير الحثيث لاستضافة المغرب لكأس العالم 2030، تتكاثف الجهود لتسريع وتيرة الأشغال الكبرى، من طرق وملاعب وبنيات تحتية. غير أن ما يفترض أن يكون فخرا وطنيا، قد يتحول إلى مأساة إنسانية، حين ترخي الشمس بأشعتها على “العامل الضعيف”.

فبينما تسعى الدولة لتقديم صورة بلد قادر على التنظيم، تغفل في المقابل ظروف العمل القاسية التي يجبر فيها الآلاف من عمال البناء والطرقات على الاشتغال في درجات حرارة قد تصل إلى 45 درجة مئوية.

وفي هذا  الصدد، استنكر الناشط  الحقوقي الحسين اليماني، استمرار تجاهل معاناة عمال الأوراش الذين يرغمون على العمل تحت أشعة الشمس الحارقة.

وأوضح اليماني لـ “إعلام تيفي” أن وفاة عامل مغربي بإيطاليا مؤخرا بسبب ضربة شمس دفعت السلطات الإيطالية إلى اتخاذ قرار فوري يمنع الاشتغال تحت أشعة الشمس، حفاظا على صحة وسلامة العمال. وتساءل بالمقابل: “أين الحكومة المغربية من مثل هذه التدابير؟

وقال إنه صدم عند مروره بمدخل مدينة المحمدية، حيث شاهد عمالا يشتغلون تحت الشمس الحارقة، بينما المواطنون هم من يمدونهم بالماء.

وأكد أن مسؤولية حماية هؤلاء لا تقع على الأفراد، بل هي في صلب مسؤوليات الدولة التي يجب أن تراقب مدى احترام المشغلين لشروط السلامة، خاصة في ظل موجات الحر الاستثنائية التي تعرفها مدن مثل الدار البيضاء والقنيطرة.

وأشار الناشط الحقوقي إلى أن استمرار هذا الإهمال قد يؤدي إلى مآس شبيهة بما حدث في السابق، من قبيل حالات الاختناق الجماعي بطنجة، أو حوادث السير التي تطال العاملات الفلاحيات.

وانتقد اليماني  التركيز على ورش المونديال وإغفال صحة العمالة التي تنجز هذه الأشغال، محذرا من تكرار سيناريو قطر، حين لم تتحرك السلطات هناك لحماية العمال إلا بعد ضغط قوي من منظمات حقوقية دولية إثر تقارير عن انتهاكات تعرضت لها العمالة الأجنبية.

وفي السياق نفسه، حذرت المنظمة الديمقراطية للشغل من المخاطر المتزايدة التي تهدد عمال البناء والعاملات الفلاحيات في المغرب جراء موجات الحر والإجهاد الحراري، كما نددت بما وصفته بـ”الانسحاب غير المسؤول” لوزارة الإدماج الاقتصادي والتشغيل، معتبرة أن غياب إجراءات وقائية لحماية هذه الفئة من الشغيلة يشكل تهديدا مباشرا لسلامتهم وحقوقهم.

ودعت المنظمة إلى تدخل من رئيس الحكومة لإلزام المشغلين باحترام مقتضيات مدونة الشغل ومعايير منظمة العمل الدولية، من خلال سن تدابير وقائية تشمل تعديل ساعات العمل، توفير الماء والظل والملابس الواقية، تعزيز التفتيش الميداني، ومعاقبة المخالفين.

كما طالبت بتوسيع الحماية الاجتماعية لتشمل كافة العمال، خاصة غير المصرح بهم، وتوفير التأمين ضد الأخطار المهنية، بما فيها الإجهاد الحراري.

وأكدت المنظمة أن الصحة المهنية ليست ترفا بل حق أساسي، يستوجب تعبئة جماعية واستباقية لحماية أرواح وكرامة الشغيلة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى