الشيات ل”إعلام تيفي”:” توتر الهند وباكستان يهدد الاستقرار العالمي والمغرب يحافظ على الحياد”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
في سياق دولي يتسم بتصاعد التوترات الجيوسياسية وتنامي القلق من عودة الحروب التقليدية، يثير التلويح بنزاع محتمل بين الهند وباكستان أو تصاعد التوتر بين قوى إقليمية كبرى مخاوف حقيقية بشأن تداعيات ذلك على الاقتصاد العالمي والاستقرار الدولي.
أكد خالد الشيات، المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية، أن اندلاع حرب بين دول تمتلك وزنًا اقتصاديًا واستراتيجيًا كبيرًا، كالهند وباكستان، من شأنه أن يُحدث هزات عنيفة في الاقتصاد العالمي، نظرًا لتأثير هذه الدول على خطوط الإمداد والتجارة الدولية، وخاصة في مجالات حيوية كالتكنولوجيا والمعرفة.
وأوضح الشيات ل“إعلام تيفي” أن أي مواجهة مباشرة بين الهند وباكستان لن تكون مجرد نزاع إقليمي بسيط، بل ستنعكس بشكل واسع على الاقتصاد الدولي، بالنظر إلى تموقع البلدين على ممرات بحرية وجوية استراتيجية، ومساهمتهما في سلاسل التوريد العالمية، مضيفًا أن الهند على وجه الخصوص تلعب دورًا محوريًا في الاقتصاد المعرفي والتكنولوجي العالمي، وهو ما يزيد من خطورة أي تصعيد عسكري في المنطقة.
وكشف الخبير في العلاقات الدولية أن الهند، بحكم بنيتها التحتية المتطورة واقتصادها المتنامي، لا تميل إلى الانخراط في حرب طويلة ومدمرة قد تعصف بإنجازات راكمتها على مدى عقود، مشددًا على أن هذا الوعي بالثمن الباهظ يجعل خيار الحرب شبه مستبعد من الناحية الواقعية، رغم التصعيد السياسي والإعلامي أحيانًا.
وأشار الشيات إلى أن مثل هذا الصراع ستكون له انعكاسات أيضًا على قوى دولية منافسة، وعلى رأسها الصين، التي تربطها علاقات وثيقة بباكستان، وقد ترى في تراجع الهند فرصة استراتيجية لتعزيز نفوذها في المنطقة، خصوصًا في ظل التوتر المتصاعد بينها وبين الولايات المتحدة، التي تعتبر الهند جزءًا من استراتيجيتها لمحاصرة النفوذ الصيني في آسيا.
وأضاف أن العالم اليوم يعيش على وقع أزمات اقتصادية متتالية، آخرها الحرب الروسية الأوكرانية، ومن غير المصلحة الدولية الدخول في نزاع جديد قد يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي ويغرق الأسواق في دوامة ركود جديدة.
واكد أن الحروب المعاصرة لم تعد دائمًا مباشرة، بل أصبحت تتخذ أشكالًا “هامشية” أو غير تقليدية، تُدار أحيانًا بالوكالة في مناطق نزاع متعددة حول العالم، محذرًا من تصاعد النزعة العسكرية في مناطق لم تعرف الاستقرار السياسي منذ عقود.
الحروب الهامشية تهدد الاستقرار الدولي والمغرب يلتزم بالحياد الإيجابي
بينما يشهد العالم تصاعدًا في النزاعات الإقليمية وتوترات بين قوى دولية كبرى، تبرز سياسة المغرب الخارجية كنموذج للاتزان والحياد الإيجابي. فبعيدًا عن منطق الاصطفاف، يحرص المغرب على الحفاظ على علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف، معتمدًا نهجًا براغماتيًا يراعي مصالحه الاستراتيجية ويجنب الانجرار إلى صراعات لا تعنيه بشكل مباشر.
في هذا السياق أكد خالد الشيات، المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية، أن النزاعات الإقليمية التي يشهدها العالم اليوم، رغم تصنيفها ضمن “الحروب الهامشية”، إلا أنها تنطوي على مخاطر حقيقية تهدد الاستقرار الدولي، خاصة في ظل تراجع دور المؤسسات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة.
وأوضح الشيات ل“إعلام تيفي” أن العالم يعيش تحولات عميقة على مستوى المنظومة الدولية، ما يفتح الباب أمام نشوء صراعات جديدة في مناطق تعاني هشاشة سياسية ومؤسساتية. وأضاف أن هذه النزاعات ليست وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى أسباب تاريخية وموضوعية، تتفاقم في ظل غياب حلول دائمة ومقنعة.
وفي ما يتعلق بالموقف المغربي من النزاعات الثنائية، لا سيما تلك التي قد تندلع بين قوى إقليمية كالهند وباكستان، أو كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، كشف الشيات أن المغرب يتبنى سياسة خارجية قائمة على الحياد الإيجابي، مع الحفاظ على علاقات متوازنة واستراتيجية مع الأطراف المتنازعة، دون الانحياز لأي طرف.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن المغرب يراهن على تعزيز علاقاته الاقتصادية، الأمنية والعسكرية مع مختلف الدول، وهو ما يفسر حرصه على البقاء على مسافة واحدة من النزاعات الدولية، بما يحفظ مصالحه ولا يجعله طرفًا في صراعات لا تعنيه بشكل مباشر.
كما نبه إلى أن هناك بعض المنتديات المجتمعية في المغرب أو في دول إسلامية قد تعبر عن تضامنها العاطفي أو الرمزي مع أحد الأطراف، خاصة في ظل الروابط الدينية أو الثقافية، غير أن ذلك لا ينعكس على الموقف الرسمي المغربي، الذي يظل براغماتيًا ومتزنًا.
وأكد أن المغرب، كغيره من الدول، يعول على تدخل القوى الكبرى والمنظمات الدولية الأكثر تأثيرًا، مثل الولايات المتحدة والصين، لوقف مثل هذه النزاعات، وتفادي اتساع رقعتها، حفاظًا على الأمن والسلم الدوليين.