الصناعة المغربية.. ريادة وقوة دافعة نحو المستقبل في ظل التحديات العالمية

فاطمة الزهراء ايت ناصر
يسعى المغرب لتنويع الصناعات الوطنية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وذلك من خلال حزمة من الإجراءات التي تهدف إلى ضمان تزويد المقاولات الصناعية بالمواد الأولية والمعدات، وتعزيز تنافسية النسيج الصناعي، والحفاظ على اليد العاملة في هذا القطاع الاستراتيجي من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا القطاع.
وأكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، في معرض جوابه على سؤال برلماني كتابي، حول “الإجراءات المتخذة لتنويع الصناعات الوطنية”، على أهمية تطوير قطاع الصناعات الإلكترونية نظرًا لارتباطه الوثيق بمختلف القطاعات الصناعية، مثل صناعة السيارات والطيران.
وفي هذا السياق، وقعت الوزارة اتفاقية مع كفاءات مغربية لإنشاء مجمع بقيمة 555 مليون درهم لتصنيع أشباه الموصلات، بالإضافة إلى دعم استثمار شركة عالمية بقيمة 275 مليون درهم لتوسيع نشاطها في المغرب.
وتمكنت وزارة الصناعة والتجارة من جذب استثمارات في مجال الأجهزة الكهرومنزلية، حيث تم استثمار حوالي 600 مليون درهم في صناعة الغسالات المنزلية والمجمدات والثلاجات، مما أدى إلى خلق أكثر من 600 فرصة عمل جديدة. وتم توقيع اتفاقية مع مجموعة “بوش” العالمية لتشجيع مورديها على الاستثمار في المغرب، بهدف تحويله إلى منصة إقليمية لتزويد الشركات العالمية بالأجزاء الصناعية اللازمة.
وفي خطوة لدعم التصنيع المحلي، تم رفع الرسوم الجمركية على بعض الأجهزة الكهرومنزلية الصغيرة من 2.5% إلى 30% بموجب قانون المالية لسنة 2024، مما يهدف إلى حماية المنتج المحلي من المنافسة الأجنبية، خصوصًا من المنتجات الآسيوية.
وحسب ما جاء في تقرير نتائج نسخة 2023 للبحث الصناعي، عرف إنتاج القطاع الصناعي على منوال رقم المعاملات دينامية ملحوظة وانتعاشة بعد سنة 2020 التي ميزها الركود بسبب الجائحة.
وفي هذا الصدد بلغ الإنتاج الصناعي برسم سنة 2022 ما قيمته 738,7 مليار درهم. وانتعاشة واضحة للقطاع الصناعي يؤكدها أيضا الإنتاج الذي بلغت قيمته 738,7 مليار درهم سنة 2022
وحسب التقرير عرفت مختلف القطاعات الصناعية برسم سنة 2022 نموا لافتا وبنسب متفاوتة في إنتاجها مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة. ويُعزى هذا التطور الإيجابي الملحوظ في الإنتاج بشكل أساسي إلى أداء 5 قطاعات التي ساهمت مجتمعة بنسبة 82,2 من الإنتاج الإجمالي للقطاع الصناعي.
وبلغت الصناعات الكيماوية والشبه كيماوية بإنتاج 182,7 مليار درهم ؛ الصناعات الغذائية بإنتاج بلغت قيمته 167,8 مليار درهم ؛ صناعة السيارات بإنتاج قيمته 138 مليار درهم ؛الصناعات الميكانيكية والتعدينية بإنتاج بلغ 61 مليار درهم ؛ صناعة النسيج والألبسة بإنتاج وصلت قيمته 57,8 مليار درهم.
وكشف التقرير أن القيمة المضافة للقطاع الصناعي شهدت نموا لافتا بعد الجائحة، حيث وصلت القيمة المسجلة برسم سنة 2022 مبلغ 212,4 مليار درهم.
وحققت القيمة المضافة، التي هي بمثابة مؤشر رئيسي لقياس أداء القطاع الصناعي، قيمة بلغت 212,4 مليار درهم متجاوزة بذلك ولأول مرة، سقف 200 مليار درهم.
وبشكل عام، سجلت معظم القطاعات الصناعية نمواً ملحوظا في قيمتها المضافة برسم سنة 2022. القطاعات التي برزت من حيث خلق القيمة المضافة هي حسب الأهمية.
الصناعات الغذائية بما مجموعه 50,2 مليار درهم ؛ الصناعات الكيماوية والشبه كيماوية بقيمة قدرها 49,3 مليار درهم ؛صناعة السيارات بقيمة بلغت 43,5 مليار درهم ؛ صناعة النسيج والألبسة بقيمة قدرها 17 مليار درهم.
وعرفت نفقات الاستثمار في القطاع الصناعي نموا مهما حيث بلغت 33,9 مليار درهم برسم سنة 2022، فعلى منوال المؤشرات السابقة، عرف الإستثمار أيضا انتعاشة ملحوظة بعد الجائحة.
وحسب التقرير تم ضخ ما يقارب 34 مليار درهم من الاستثمارات في القطاع الصناعي برسم سنة 2022، و ذلك دون احتساب استثمارات المشاريع الصناعية التي هي في طور الإنشاء.
وتصدرت الصناعات الكيماوية والشبه كيماوية قائمة القطاعات المستفيدة من الاستثمارات الصناعية سنة 2022 حيث تجاوزت قيمتها 9,2 مليار درهم فيما حلت الصناعات الغذائية في الصف الثاني بمبلغ استثماري تجاوز 8,7 مليار درهم فيما حلت صناعة السيارات في المركز الثالث بقيمة استثمارية فاقت 8,1 مليار درهم.
وفي ما يخص صادرات القطاع الصناعي كشف التقرير أن رقم المعاملات التصديرية مثل نسبة 46,1 من رقم المعاملات الإجمالي للقطاع الصناعي برسم سنة 2022. وتصدرت صناعة الطيران قائمة الصناعات ذات النسبة التصديرية الأعلى من رقم معاملاتها الإجمالي تلتها حسب الأهمية صناعة السيارات الصناعات الكيماوية والشبه كيماوية وصناعة النسيج والألبسة، والجلد.
وأظهر التوزيع الجهوي للصادرات الصناعية سنة 2022 حظوة قطاعات معينة فيما يتعلق بمساهمتها في صادرات القطاع الصناعي ويتعلق الأمر بالصناعات الكيماوية والشبه كيماوية بنسبة بلغت %34، تلتها صناعة السيارات بنسبة 30,2، ثم الصناعات الغذائية بنسبة 11,8 فصناعة النسيج والألبسة و الجلد بنسبة 11,5
وشكل الرأسمال الإجتماعي الوطني نسبة 71,5% من إجمالي رأسمال القطاع الصناعي، في حين مثل الرأسمال من أصل أجنبي نسبة 28,5%. هذا الأخير يتوزع مصدره على العديد من الدول، تبقى أبرزها : فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، إسبانيا ألمانيا كوريا الجنوبية، الصين، إيطاليا، اليابان اللكسمبورغ، بلجيكا، سويسرا و دول أخرى.
وحسب نفس المصدر، حصل قطاعي الصناعات الكيماوية والشبه كيماوية والصناعات الغذائية مجتمعين على أكثر من نصف إجمالي رأسمال القطاع الصناعي، وهو ما يمثل 33,7 و 22,1% لكل واحد منهما على التوالي. كما حظيا هذين القطاعين بثلثي الرأسمال الوطني الصناعي بحيث شكل نصيب كل واحد منهما تواليا 39,5% و 28,5 فيما بلغت حصتهما من الرأسمال الأجنبي 16,3% و 7,7 لكل واحد منهما.
وتموقعت صناعة السيارات في المركز الثالث، حيث حصلت على حصة مهمة من الرأسمال القطاع الصناعي بلغت 13 ، كما يجدر بالذكر أن هذا القطاع ركز 42,9 من إجمالي رأس المال الأجنبي للقطاع الصناعي في مقابل ذلك، حصلت قطاعات صناعة النسيج والألبسة مع صناعة الجلد، صناعة البلاستيك والصناعات الكهربائية والإلكترونية على حصص بلغت 5,9, 3,9% و 1,7% على التوالي من الرأسمال القطاع الصناعي، كما أبانت هاته القطاعات عن اعتماد أقل على الرأسمال الأجنبي، حيث بلغت حصصها منه تواليا 23,26,26% و 20,9 في نفس المنحى عرفت أغلب القطاعات الأخرى تركيزا أقل من الرأسمال الأجنبي وبنسب متباينة لم تتعدى في أقصى الحالات نسبة %26. على النقيض مما سبق، عرفت بعض القطاعات تركيزا كبيرا للرأسمال الأجنبي كصناعة الطيران وصناعة السيارات حيث تعدت نسبته %90.
وأظهر توزيع التشغيل الصناعي برسم سنة 2022 بناءا على مقاربة النوع على توازن نسبي بين الجنسين، حيث بلغت نسبة تشغيل النساء % 40. مثلت صناعة النسيج والألبسة أول قطاع مشغل للنساء، كما أن معدل التأنيث بها بلغ نسبة %64 ، تلتها الصناعات الغذائية وصناعة السيارات بمعدلات بلغت على التوالي إلى %46 و %39
وسجلت نسبة التأنيث داخل المناصب الإدارية القيادية في القطاع الصناعي 13 بـ برسم سنة 2022.
وحظيت طبقة المقاولات الصناعية التي يقل رقم معاملاتها عن 3 ملايين درهم بأعلى نسبة تأنيث في المناصب الإدارية القيادية وصلت إلى 29,4 في المقابل، سجلت طبقة المقاولات التي يتجاوز رقم معاملاتها 175 مليون درهم أدنى نسبة تأنيث في هذه المناصب بنسبة %11.
وفيما يخص نسبة التأنيث في المناصب الإدارية القيادية حسب الفئات العمرية للمقاولات، فإن تلك الحديثة النشأة التي لم يتجاوز عمرها 5 سنوات هي التي سجلت أعلى نسبة بلغت % 16.
وأصبح المغرب رائدًا في تركيب وتجميع السيارات وتصنيع بعض أجزائها، حيث ينتج 700 ألف سيارة سنويًا، يُصدر 90% منها إلى أوروبا. وتعمل المملكة على بناء منظومة متكاملة لصناعة سيارة محلية 100%، مع الإعلان عن النموذج الأولي لمركبة هيدروجينية مغربية “نامكس”، التي تم تصميمها بالتعاون مع مكتب التصميم الإيطالي “بينينفارينا”، بمشاركة كفاءات مغربية.
وأكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، الثلاثاء الماضي خلال جلسة الأسئلة الشفوية، أن المغرب يطمح للانتقال من “صنع في المغرب” إلى “ابتكر في المغرب”، عبر دعم المقاولات الوطنية، خاصة الصغرى والمتوسطة. وتم توقيع اتفاقية بين الوزارة واتحاد المقاولات لدعم المشاريع الصناعية الابتكارية، تشمل تمويل الدراسات، النماذج الأولية، والتصنيع، بمساهمات مالية تصل إلى 80% في بعض المراحل.
ورغم التحديات العالمية كالتضخم والتوترات الجيوسياسية، وتأثيرات الجفاف وجائحة كوفيد-19، شهد القطاع الصناعي المغربي انتعاشًا قويًا في 2022، محققًا نموًا ملحوظًا في عدة مجالات.
وبلغت الاستثمارات الصناعية 33.9 مليار درهم، ما يعكس ثقة المستثمرين في مستقبل القطاع. كما سجل الإنتاج الصناعي 738.7 مليار درهم، وحقق رقم المعاملات 801.5 مليار درهم، مما يؤكد دوره الحيوي في الاقتصاد.
وتجاوزت القيمة المضافة لأول مرة 200 مليار درهم، ما يعكس كفاءة القطاع وإنتاجيته العالية. كما نما التشغيل بنسبة 8.8% بين 2021 و2022، مما يعزز مكانة الصناعة كمحرك أساسي للاقتصاد الوطني.