الصيد البري الجائر ..تدابير قاصرة ورقابة غائبة

بشرى عطوشي
على الرغم من الجهود الرسمية المبذولة لحماية التنوع البيولوجي في المغرب، ما زال الصيد البري الجائر يشكّل تحديًا بيئيًا حقيقيًا، في ظل تقارير متكررة عن تراجع بعض الأنواع الحيوانية في مناطق مختلفة من المملكة. وهو ما يدعو إلى طرح أسئلة حول فعالية التدابير المعتمدة، ودور الفاعلين في الميدان، من جمعيات القنص إلى السلطات المختصة، في ضمان توازن بيئي مستدام.
المغرب يتوفر على ترسانة قانونية متقدمة نسبيًا، من خلال قانون الصيد رقم 1-73-255 ومراسيمه التطبيقية، إلى جانب تدبير محكم لمواسم الصيد وأنواع الطرائد، تقوم به المندوبية السامية للمياه والغابات بشراكة مع جمعيات القنص المعترف بها.
إلا أن الواقع الميداني يكشف عن وجود بعض الاختلالات التي تجعل الظاهرة مستمرة، سواء تعلق الأمر بصيد خارج المواسم القانونية، أو تجاوز الكميات المسموح بها، أو الصيد في مناطق محمية بشكل غير مرخص.
تلعب جمعيات القنص دورًا مهمًا في تنظيم القطاع، وتوعية أعضائها باحترام القوانين وحماية الحياة البرية. ويشارك العديد منها في مبادرات بيئية وتكوينية إيجابية. لكن، في المقابل، هناك دعوات من المجتمع المدني لتعزيز دور هذه الجمعيات أكثر، وتحفيزها على القيام بمهام المراقبة الذاتية وتوجيه الممارسين نحو صيد مستدام ومسؤول.
يقول أحد نشطاء البيئة من منطقة سوس: “نحن لا نتهم أحدًا، لكننا نطمح إلى رؤية جمعيات القنص كمحرك حقيقي للتغيير، وليس فقط إطارًا إداريا للترخيص بالصيد.”
تضطلع المندوبية السامية للمياه والغابات بمهمة حماية الموارد الطبيعية، ومن بينها مراقبة الصيد البري. وقد أطلقت بالفعل عدة برامج لإعادة توطين أنواع مهددة، وإنشاء محميات، فضلاً عن المراقبة الموسمية.
لكن في ظل اتساع المجال الجغرافي، ومحدودية الإمكانات البشرية، يظل من الصعب تحقيق التغطية الشاملة أو التدخل السريع في بعض الحالات، خاصة في المناطق النائية. من هنا، يدعو متخصصون إلى توفير المزيد من الدعم التقني واللوجستيكي للمندوبية، حتى تتمكن من تعزيز حضورها الميداني.
لعل النقطة الأساسية التي تجمع عليها مختلف الأطراف هي ضرورة تحقيق تنسيق فعال بين الدولة، المجتمع المدني، وجمعيات القنص. ويؤكد فاعلون في القطاع أن الرهان اليوم هو تطوير نظام معلومات بيئي شفاف، يُمكن من تتبع تطور أعداد الطرائد، وتسجيل الخروقات إن وجدت، وتحديث استراتيجيات الحماية.
الصيد البري بالمغرب ليس فقط رياضة أو تقليدًا متوارثًا، بل هو قطاع بيئي حساس، يتطلب توازناً دقيقًا بين الاستغلال والترشيد. إن تجاوز إشكالية الصيد الجائر يمر عبر تعبئة جماعية، تعزز من قدرات الجهات المسؤولة، وتضع القنص في إطار احترام الطبيعة، لا استنزافها