العقول اللامعة تقصى مجددا..أربع مغربيات يحرمن من تمثيل الوطن في أولمبياد

نجوى القاسمي
رغم كل الشعارات الرنانة حول “تشجيع التفوق العلمي” و”دعم الكفاءات الشابة”، يبدو أن الواقع يسير عكس التيار. فقد تكررت مأساة مؤلمة هذه السنة، عندما حرمت أربع تلميذات مغربيات من المشاركة في الأولمبياد الأوروبي للرياضيات للفتيات (EGMO 2025) الذي يقام حاليا في كوسوفو من 12 ابريل الى 17 منه ، وذلك بسبب تأخر إداري حال دون استكمال إجراءات سفرهن، تماما كما حدث قبل عام مع ستة تلاميذ ذكور حرموا من المشاركة في الأولمبياد الدولي للرياضيات في إنجلترا.
المنتخب الوطني النسوي الذي كان من المقرر أن يمثل المغرب هذه السنة ضم كلا من خديجة بن عيسى، لينا شقير، إيمان بلعربي، وندى صنهاجي، وهن من ألمع العقول الشابة في الرياضيات. تم اختيارهن بعد مسار تنافسي طويل وتدريب علمي صارم استمر شهورا، ووافقن على تقديم تضحيات شخصية كبيرة، بما في ذلك العمل خلال العطل وتحمل الضغط النفسي والمعرفي المكثف، من أجل هدف واحد ألا و هو تشريف المغرب في محفل علمي دولي.
لكن، وفي مشهد يختزل حجم الاستهتار ، تم إقصاؤهن في اللحظة الأخيرة، لا بسبب ضعف في المستوى أو خلل في التأهيل بل إجراءات بطيئة ومهملة، وغياب التنسيق بين الجهات ، كانت كافية لتقويض حلم أربع فتيات متفوقات.
هذه الحادثة ليست معزولة. السنة الماضية، واجه ستة تلاميذ نفس المصير بعد تعثر في الحصول على تأشيرات للمشاركة في أولمبياد الرياضيات الدولي في إنجلترا. ورغم أن الحادثة أثارت جدلا واسعا وصلت إلى قبة البرلمان عبر سؤال موجه لوزير التعليم السنة الماضية إلا أن شيئا لم يتغير واليوم، تتكررت المأساة مع وجوه أخرى بنفس السيناريو، ونفس الصمت.
فالمشاركة في هذه المسابقات الدولية لا تأتي عشوائيا، بل بعد سنوات من العمل الجاد داخل مؤسسات يشرف عليها المركز الوطني للابتكار التربوي والتجريب وهيئات أخرى، والهدف المعلن هو تكوين نخبة علمية قادرة على حمل راية البحث والتميز.
وإذا كان المغرب يطمح فعلا إلى أن يصبح قوة علمية وتقنية، فإن تكرار مثل هذه الحوادث لا يبقي لهذا الطموح سوى الصيغة النظرية. فالفشل في تمكين التلاميذ من تمثيل بلدهم في محافل دولية تحبطهم .
لقد آن الأوان لمراجعة هذا الواقع الأليم بأن التفوق لا ينمو في بيئة من الإهمال واللامبالاة. ما تحتاجه التلميذات خديجة، لينا، إيمان وندى، لم يكن مجاملة، بل فقط احتراما لتفوقهن في حمل راية المغرب في واحدة من أرفع المسابقات العلمية. وإلا، فليستمر النزيف، ولتتكرر المآسي، ما دامت الذاكرة المؤسساتية قصيرة، وما دام التميز يقابل بالإقصاء.