العمرة بين العبادة والتباهي..تحول المناسك إلى مشروع تجاري وفرصة للتفاخر الاجتماعي
فاطمة الزهراء ايت ناصر
لم تعد العمرة اليوم مجرد رحلة روحانية يتقرب بها المسلم إلى الله، بل تحولت في كثير من الأوساط إلى تجربة فاخرة تمزج بين العبادة والتباهي الاجتماعي. وبفعل التأثير القوي لمواقع التواصل الاجتماعي، بات كثير من المعتمرين يحرصون على توثيق تجربتهم بأسلوب أشبه بعرض للأزياء والسفر الفاخر، متأثرين بالمؤثرين واليوتيوبرز الذين جعلوا من العمرة فرصة للظهور والتميز، مما أدى إلى انتشار ما يمكن تسميته بـ”مشروع العمرة”.
وأصبحت شركات السفر تلعب على وتر الفخامة، تقدم باقات عمرة تتضمن الإقامة في أفخم الفنادق، والتنقل عبر أفضل وسائل النقل، إضافة إلى توفير وجبات عالية الجودة.
ومع شهر رمضان، تزداد هذه الخدمات طلبًا، فترتفع الأسعار بشكل غير مسبوق، إذ لم يعد الهدف هو أداء مناسك العمرة فحسب، بل الاستمتاع برحلة مترفة ترضي متطلبات التفاخر الاجتماعي.
وعند العودة إلى المغرب، لا تكتمل “الرحلة المقدسة” دون إقامة حفل استقبال فاخر، يتم فيه التعاقد مع مموني الحفلات وتجهيز الولائم التي قد تفوق تكاليفها مصاريف العمرة ذاتها.
وساهم المؤثرون بشكل كبير في تغيير نظرة الناس إلى العمرة. فبدلًا من التركيز على الجوانب الروحية، أصبحوا يوثقون رحلتهم عبر صور وفيديوهات تُبرز أدق تفاصيل إطلالاتهم داخل الحرم، بدءًا من الملابس الفاخرة التي تحمل توقيع أشهر المصممين، إلى حقائب السفر الفاخرة المحشوة بأرقى العبايات والجلابيات المطرزة.
وباتت بعض المؤثرات، خصوصًا “اليوتوبورات”، يعرضن تجربتهن وكأنها فرصة لإثبات الرفاهية، حيث يتسابقن على نشر مقاطع حول كيفية التحضير للعمرة، وأفضل الملابس التي يجب ارتداؤها، وأماكن التسوق في مكة والمدينة.
ولم يتوقف الأمر هنا، بل تحولت صفحاتهن إلى منصات تروج للمنتجات الخاصة بالعمرة، مما أدى إلى خلق موجة استهلاكية واسعة بين النساء اللواتي يسعين لتقليد تلك الإطلالات الفاخرة.
في السابق، كانت العمرة تجربة يغلب عليها الزهد والبساطة، حيث كان التركيز ينصب على أداء الشعائر بنية خالصة بعيدًا عن أي مظهر من مظاهر الترف. أما اليوم، فقد أصبحت الاستعدادات تشمل البحث عن كل ما هو فاخر، من الملابس إلى الإكسسوارات، وحتى سجادات الصلاة والسبح