القضاء الإداري على خط المواجهة وسط ارتفاع قياسي في طلبات عزل المنتخبين

حسين العياشي

شهدت المحاكم الإدارية الابتدائية بالمغرب خلال الفترة الممتدة بين 2018 و2024 تصاعدًا ملموسًا في طلبات عزل رؤساء وأعضاء المجالس الترابية، في مؤشر واضح على تعميق آليات الرقابة وتعزيز الشفافية في التدبير المحلي. وحسب تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول دور المحاكم الإدارية في محاربة الفساد الإداري، فقد سجلت هذه الأخيرة، 362 طلبًا لعزل أعضاء المجالس الجماعية، مع تصدر الدار البيضاء القائمة بـ102 طلب، أي ما يعادل 28,18 في المائة، تليها مراكش بـ80 طلبًا، بنسبة 22,10 في المائة.

وتوضح الأرقام ارتفاعًا ملحوظًا في الطلبات، حيث انتقلت من 49 طلبًا سنة 2018 إلى 102 طلب سنة 2024، ما يمثل 40 في المائة من إجمالي الطلبات. ويشير التقرير إلى أن هذا التزايد يعكس تفعيلًا إيجابيًا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، ويؤكد الدور المحوري للقضاء الإداري في حماية المال العام وتعزيز النزاهة والكفاءة في أداء المنتخبين.

أما بخصوص عدد الأحكام القضائية الصادرة بعزل المنتخبين، فقد ارتفعت بشكل لافت، من 41 حكمًا سنة 2018، إلى 108 سنة 2024، أي بزيادة بلغت 163,4 في المائة، ما يعكس جدية المحاكم في التعامل مع التجاوزات والتقصير الإداري.

وحسب نفس التقرير، فقد سجلت المحكمة الابتدائية الإدارية بالدار البيضاء، أعلى نسبة من الطلبات المقدمة من قبل عمال العمالات والأقاليم، حيث بلغت 84 طلبًا، أي 27,81 في المائة من مجموع 302 طلب على الصعيد الوطني. وتركزت هذه الطلبات في أقاليم سطات بـ14 طلبًا لكل منهما، بينما سجلت سيدي بنور وبنسليمان 11 و10 طلبات على التوالي، وهو ما يعكس ضعف الشفافية في تدبير المشاريع العمومية في هذه المناطق الحضرية ذات النمو الاقتصادي السريع والضغط السكاني المرتفع.

وجاءت المحكمة الابتدائية الإدارية بمراكش في المرتبة الثانية بعد الدار البيضاء، مع 72 طلبًا، أي 23,84 في المائة من مجموع الطلبات الوطنية. وعزا التقرير هذا الرقم إلى تداعيات التنمية غير المتوازنة، خصوصًا في المناطق المعتمدة على الزراعة والسياحة، إلى جانب التوسع العمراني غير المدار، وهو ما أكده تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2023-2024.

يبدو من خلال هذه الأرقام أن محاربة الفساد الإداري على المستوى المحلي باتت أولوية حقيقية، وأن القضاء الإداري أصبح حجر الزاوية في تعزيز الرقابة والشفافية، وهو ما يرسخ ثقافة جديدة في الحكامة المحلية، تقوم على النزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى