الكفاءات المغربية في مهب العروض الأجنبية.. هل نفقد عقولنا الرقمية؟

نجوى القاسمي : صحافية متدربة
في سياق النقاش الذي شهدته حلقة “مساء Talk” حول “الذكاء الاصطناعي: الفرص والتحديات والرهانات الكبرى”، تركزت الإشكالية الرئيسية حول ضرورة استقطاب ودعم الكفاءات المغربية في مجال الذكاء الاصطناعي في وقت يتزايد فيه خطر استقطاب هذه الكفاءات من قبل مؤسسات أجنبية. حسين الصاف، الخبير في التكنولوجيا الرقمية، شدد على أن المغرب يمتلك شبابًا مبدعا قادرا على تقديم حلول ابتكارية، إلا أن ضعف آليات التمويل، غياب الحضانات الحاضنة للمشاريع، وافتقار البيئة المحفزة على الابتكار تشكل عوائق كبيرة أمام بروز هذه الكفاءات.
وإضافة إلى ذلك، أشار الصاف إلى أن أول مستفيد من هذه الكفاءات هو أول مستحوذ عليها، وبالتالي، فإن الاستثمارات في هذا المجال تتطلب تحركا سريعا لضمان استثمار الطاقات الشابة داخل المغرب، مما يعزز من الاستفادة الوطنية قبل أن تبتلعها أسواق العمل الأجنبية.
وأشار الصاف، خلال مداخلته في برنامج “مساء Talks” على قناة ميدي 1 تيفي، إلى أن الذكاء الاصطناعي جاء في سياق يطرح إشكالات كبرى تتعلق بالأخلاقيات، والبنية التحتية، والاحتياجات الأكثر إلحاحا للمواطن. وأوضح أن هذا التطور التكنولوجي جعل من الإنسان محورا رئيسيا، حيث أصبحت الابتكارات موجهة لتلبية حاجياته اليومية.
وفي تفاعل مع مداخلة الصاف، شدد أمين سامي، الخبير في التخطيط الاستراتيجي وقيادة التغيير للمؤسسات والشركات، على أن التوجهات العالمية والمشاريع المستقبلية أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي، خاصة في قطاعات حيوية مثل الفلاحة والصناعة. واستشهد بدراسة تتوقع أن تبلغ مساهمة الذكاء الاصطناعي في الناتج الداخلي الإجمالي العالمي 14% بحلول سنة 2030، وهو ما يعكس الدور المتزايد لهذه التكنولوجيا في الاقتصاد العالمي.
كما تطرق سامي إلى مسألة السيادة الرقمية، معتبرا أنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بحماية البيانات والبنيات التحتية الرقمية من التهديدات الأجنبية. وفي هذا الإطار، أشار إلى أن المغرب يسير نحو تعزيز سيادته الرقمية، من خلال التحكم في المعطيات والتكنولوجيا، على غرار ما تقوم به دول مثل السعودية، الإمارات، والأردن، التي تبنت سياسات طموحة في هذا المجال.
واختُتم النقاش بالتأكيد على أهمية التحرك السريع لاستدراك الوقت، وتوفير الظروف الملائمة لاستثمار العقول الشابة داخل المغرب، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من الطاقات الوطنية في هذا المجال الحيوي.