المؤسسات العمومية في المغرب: كثافة في العدد وضعف في الأداء

اميمة المغاري : صحافية متدربة
كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن عدد مؤسسات الخدمات العمومية بالمغرب بلغ سنة 2024 ما مجموعه 147.062 مؤسسة، ، تتمركز 74,2% منها في الوسط القروي، و بحسب معطيات التقرير تتصدر جهة سوس ماسة هذا التوزيع بنسبة 12.9%، تليها فاس-مكناس بـ 12.8%، ثم الدار البيضاء-سطات بـ 10.5%.
وحسب توزيع المؤسسات حسب المجال، تهيمن التجهيزات الثقافية والاجتماعية بنسبة 39,1%، تليها تجهيزات أنشطة الخدمات بـ 24%، ثم مؤسسات التعليم والتكوين بـ 23,6%. بينما تسجل التجهيزات الإدارية والصحية نسبًا أقل، بلغت 8,4% و2,8% على التوالي، فيما لا تتجاوز نسبة تجهيزات الإيواء والضيافة 0,2%.
أما على مستوى التوزيع الجهوي، فتتصدّر جهة سوس ماسة القائمة بنسبة 12,9%، تليها جهة فاس مكناس بـ 12,8%، ثم جهة الدار البيضاء – سطات بنسبة 10,5%.
في المقابل، تأتي الجهات الجنوبية الثلاث في المراتب الأخيرة، أبرزها جهة الداخلة – وادي الذهب بنسبة 0,3% فقط.
غير أن هذه المعطيات الكمية لا تحجب إشكالات بنيوية أعمق تتعلق أساسًا بفعالية هذه المؤسسات وجودة أدائها. اذ يشير تقرير حديث صادر عن مؤشر Blavatnik للإدارة العمومية لسنة 2024، الى ان المغرب المرتبة 73 عالميًا من أصل 120 دولة، بمعدل إجمالي لا يتجاوز 0.5 من 1. وقد سجّل التقرير ضعفًا ملحوظًا في مؤشرات محورية.
إذ جاء الأداء في التخطيط الاستراتيجي في المرتبة 78 عالميًا، أما على مستوى صياغة السياسات العمومية، فقد احتل المغرب المرتبة 71، وهو ما يدل على محدودية القدرة على بلورة سياسات فعالة تستجيب لانتظارات المواطنين. كما أن جودة تسليم الخدمات العمومية لم تكن في وضع أفضل، حيث تم تصنيفها في المرتبة 63، في إشارة إلى ضعف النجاعة والفعالية في التطبيق الميداني.
أما فيما يخص تدبير الموارد البشرية، فقد جاءت المرتبة 76، نتيجة تفشي البيروقراطية وضعف الكفاءات، مما يؤثر سلبًا على جودة الأداء العام للمؤسسات.
ويشير التقرير ذاته إلى أن الإدارة العمومية المغربية تواجه تحديات حقيقية مرتبطة بـ ضعف الابتكار، والبنية التراتبية البيروقراطية الثقيلة، فضلاً عن تشتت الموارد، مما يعيق تحقيق نجاعة مؤسسية تنعكس إيجابًا على حياة المواطن.
بناءً عليه، تبدو المفارقة جلية بين اتساع البنية التحتية المؤسساتية من حيث الكم، وبين محدودية أثرها الفعلي في تحسين جودة الخدمات، خاصة في ظل تفاوتات مجالية واضحة بين الجهات. وهو ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى جدوى هذه الاستثمارات العمومية، ويدعو إلى التفكير في إصلاحات عميقة تستهدف الحكامة والفعالية بدل الاكتفاء بمؤشرات التغطية المجالية.