المجلس الاقتصادي: المسطرة الجنائية نصوص غير واضحة وأثر غير مدروس

نجوى القاسمي

في سياق التحولات الحقوقية والدستورية التي عرفها المغرب خلال العقد الأخير، يأتي مشروع القانون رقم 03.23 لتعديل وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، كمبادرة  إلى ملاءمة التشريع الوطني مع المستجدات الحقوقية والدستورية، خاصة بعد صدور دستور 2011، الذي خص الحقوق والحريات بحيز مهم، وأقر آليات جديدة لحمايتها.

إصلاح تشريعي لكن دون دراسة أثر

وعلى الرغم من وجاهة المبررات التي تضمنتها مذكرة تقديم مشروع القانون، والتي أشارت إلى ضرورة تجاوز بعض الثغرات القانونية والنقائص التي كشفت عنها الممارسة العملية، إلا أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عبر عن تحفظات جوهرية بشأن مضمون المشروع، مشددا على أهمية الاستناد إلى معطيات ومؤشرات موضوعية لتبرير أي تعديل من هذا الحجم.

وفي هذا السياق، انتقد المجلس غياب دراسة أثر ترافق هذا المشروع، معتبرا أن الشفافية والحكامة الجيدة  كما يقتضيها الدستور  تفرض تقييم القانون الحالي، وقياس مدى كفاءته، وتحديد الأثر المتوقع للتعديلات المقترحة على مختلف المستويات  الاقتصادية، الاجتماعية، البيئية، الإدارية والمالية.

غموض في الإحالة على النصوص التنظيمية

ومن بين أبرز الملاحظات التي سجلها المجلس، الإحالة غير المؤطرة زمنيا على عدد من النصوص التنظيمية، كما هو الحال في المواد 7، 66-2، 66-3، 471 و654-1، ما قد يؤدي إلى تعطيل تنفيذ مقتضيات هامة رغم صدور القانون. فعلى سبيل المثال، المادة 66-3 المتعلقة بالتسجيل السمعي البصري، تنص على دخولها حيز التنفيذ بعد خمس سنوات من صدور نص تنظيمي، دون تحديد أجل واضح لهذا الإصدار، ما يطرح إشكالات قانونية وتنفيذية جدية.

تداخل بين القانون الإجرائي وقانون العقوبات

إلى جانب ذلك، أثار المجلس مسألة التداخل بين القانون الإجرائي وقانون الموضوع، حيث لاحظ أن مشروع القانون، رغم سعيه إلى التخفيف من هذا التداخل عبر تعديل المادتين 61 و105 بحذف العقوبات، إلا أنه في المقابل احتفظ بعدد من العقوبات في صلب المسطرة الجنائية، بل وأدرج عقوبات جديدة ضمن مواد أخرى، وهو ما يتعارض مع التوجه الحديث الذي يدعو إلى فصل القانون الإجرائي عن العقوبات الجنائية، حفاظا على وضوح التشريع واحتراما لحقوق الإنسان.

وختاما، دعا المجلس إلى مراعاة الجانب الشكلي في المشروع، من حيث صياغة النصوص القانونية بشكل واضح يسهل تطبيقها ويضمن مقروئيتها، مشددا على أن تحسين جودة التشريع لا يقتصر على المضمون فحسب، بل يشمل كذلك الشكل واللغة القانونية المستعملة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى