المديونية تثقل كاهل الدولة في ظل تسجيل نسب نمو محتشمة

إيمان أوكريش   

في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعجز المالية التي تعيشها البلاد، يتم الارتهان للدين الخارجي كـ”حل”، بالرغم من أن المغرب مثقل بالديون، إذ يحتل المرتبة 17 من أصل العشرين بلدا الأكثر مديونية لدى صندوق النقد الدولي، والخامس إفريقيا سنة 2022 من حيث ديونه الخارجية.

وكانت قد كشفت وزارة الاقتصاد والمالية في تقرير لها حول الدين العمومي، عن ارتفاع حجم الدين الخارجي العمومي بـ 151 مليار درهم أي %3,6 نهاية سنة 2023، ليصل إلى 438,8 مليار درهم، حيث بلغ مؤشر الدين الخارجي العمومي بالنسبة للناتج الداخلي الإجمالي 30,0% مسجلا بذلك انخفاضا قدره 1,8 نقطة مئوية للناتج الداخلي الإجمالي مقارنة بسنة 2022.

وحسب التقرير المرفق لمشروع قانون المالية برسم 2025، فإن دفعات أصل الدين الخارجي العمومي بلغت حوالي 24,5 مليار درهم في متم سنة 2023 مسجلة تراجعا بمقدار 13,2 مليار ( 35%) مقارنة بسنة 2022، ويرجع هذا الانخفاض بالأساس لسداد السند ذو أمد 10 سنوات سنة 2022، المصدر من طرف الخزينة في السوق المالية الدولية سنة 2012، “1 مليار دولار”، و2013 “500 مليون دولار”.

وقد كشف فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، سابقا أن عجز الميزانية استقر، خلال سنة 2024، عند 4 في المائة بفعل “الموارد العادية”، التي تمكّن المغرب على ضوئها من إبقاء معدل المديونية مستقرا في المستوى المسجل خلال 2023 بـالمئة من الناتج الداخلي الخام.

عجز الموازنات وراء الاستدانة 

وأشار بدر الزاهر الأزرق، أستاذ باحث في قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إلى أن الحديث عن الاستدانة مرتبط بعجز الموازنات، الذي يتراوح اليوم  بين 4 و 4.5%، حسب الفرضيات التي جاء بها قانون المالية لسنة 2025، وهي النسبة نفسها التي كانت خلال السنة الماضية.

وأوضح أن عجز الموازنات هو أحد أسباب الاستدانة بشكل مباشر، لأن هذا العجز المسجل على مستوى النفقات والإيرادات تحاول الدولة تغطيته عبر الاستدانة، منبها إلى أن الاستدانة  التي يقوم بها المغرب موجهة أساسا للاستثمار، على غرار البنية التحتية والبرامج التنموية، ليكون  لها عائد يتيح للدولة الوفاء بالتزاماتها على هذا المستوى.

ولفت الباحث الاقتصادي إلى أن المديونية في المغرب اليوم بلغت نسبا كبيرة تتجاوز تقريبا 60% إلى 70% من الناتج الوطني الداخلي، مما جعل مجموعة من المراقبين الاقتصاديين يشعرون بالقلق من إمكانية وفاء المغرب بالتزاماته المالية، خاصة وأن الاستدانة ثقل مالي على مالية الدولة يستمر لسنوات، كما يستنزف جزءا من موارد الدولة المتحصل عليها أساسا من الضرائب أو قطاعات أخرى يجعلها في خدمة الدين و فوائد الدين.

وتابع أن حاضر المملكة المغربية يؤكد بأننا نتوجه نحو نسق استثماري تصاعدي، خاصة في ظل التحضير لكأس إفريقيا وكأس العالم، مما يضعنا أمام الحاجة إلى الاستدانة لتمويل الاستثمارات، مشيرا إلى أنه لو كنا نعتمد فقط على مداخيل الدولة، لن نكون قادرين على تحقيق هذه الطفرة على مستوى البنى التحتية ومستوى الاستثمارات وغيرها.

وشدد بدر الزاهر الأزرق على أن الإشكال المطروح هو  أن الاستثمارات يجب أن يكون لها عائد ربحي بالنسبة للدولة سواء على مستوى التنمية أو على مستوى الجاذبية الاستثمارية، لأن  العائد الربحي هو الضمانة لاستدامة تمويل هذه الديون، التي ستحقق التنمية.

نسب النمو تؤثر على الاستدانة

أوضح خالد أشيبان، خبير اقتصادي، أن مستوى الدين العمومي متحكم فيه عموما، حيث تتعدى نسبة الدين الداخلي والخارجي نسبة 69% سنة 2024، وهو مستوى جيد لبلد مثل المغرب، حسب قوله.

وأشار إلى أن الاستدانة الخارجية ارتفعت مؤخرا لأسباب، على رأسها جائحة كورونا، لافتا إلى أنه “لم نصل إلى مستوى قد يؤثر على المالية العمومية أو أداء هذه الديون”.

وأضاف أن الاقتصاد لحدود اللحظة ما زال يؤدي بشكل جيد من حيث الصادرات والواردات والموارد من العملة الصعبة، وكذا تحويلات مغاربة الخارج ومداخيل القطاع السياحي، مما “يجعلنا أمام احتياطي من العملة الصعبة يكفي لتغطية واردات المغرب لأننا نؤدي كل ما علينا”.

وأكد الخبير الاقتصادي أن المشكل هو عدم تحقيق نسب نمو مرتفعة، نظرا لارتباط الدين العمومي بالنمو الاقتصادي أساسا.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى