المعارضة تتحدث بصوت عال في اللقاءات التواصلية وتغيب عن معارك البرلمان

نجوى القاسمي
في مشهد يعكس حالة من العجز السياسي الحقيقي، تواصل الحكومة تمرير مشاريع القوانين الحساسة بكل أريحية، وسط معارضة صوتها خافت، وحضورها السياسي يكاد لا يتجاوز المنابر الإعلامية.
المعارضة التي كان يُفترض أن تكون “صمام أمان” للديمقراطية اختارت أن تكتفي بالخطابات الحماسية، بينما تركت الساحة فارغة أمام الأغلبية لتسير في تنفيذ أجندتها التشريعية كما تشاء، من دون حسيب أو رقيب.
نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في كلمة ألقاها خلال لقاء تواصلي مع منتخبات ومنتخبي الحزب، امس السبت بالرباط أطلق مدفعيته الثقيلة في وجه الحكومة، واصفا إياها بالفاشلة، ومتهما إياها بخيانة انتظارات المغاربة.
لكنه، كغيره من قيادات المعارضة، يرفع شعارات صارخة في لقاءات حزبية مغلقة، بينما على مستوى الميدان، تمر القوانين التي “تخنق” القدرة الشرائية وتعيد ترتيب المشهد الاجتماعي، دون أي تحرك فعال من تلك المعارضة التي يبدو أنها فقدت أدوات الضغط الحقيقي.
وجه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية انتقادات مباشرة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، قائلا: لسنا طوباويين ولا سذج، وعندما نتوجه إلى الحزب الأغلبي، وإلى رئيسه بصفته رئيس الحكومة فإننا لا نتجاوز حدود اللياقة والاحترام والتقدير، واختلافنا العميق معه هو توجهاته وممارساته، وخروجه في كثير من الأحيان عن ما هو مقبول قانونيا وسياسيا ودستوريا وأخلاقيا.
وفي سياق متصل، دعا بنعبد الله إدريس لشكر، الكاتبَ الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إلى الكف عن مهاجمة حزبه ، قائلا: عليه أن يوقر حزبنا، وإذا بحث عني سيجدني، فنحن حزب مسؤول.
وشدد على أن حزبه لا يسعى إلى تعميق الخلافات داخل مكونات المعارضة، حتى لا نصل إلى ما أسماه بـ’الشوهة لتي طالت مبادرة ملتمس الرقابة الأخير.
عوض أن تستثمر المعارضة لقاءاتها التواصلية لتقديم بدائل واقعية وخطط عملية تعيد الثقة للمواطنين، تحوّلت هذه اللقاءات إلى مجرد منصات للبكاء على الأطلال وتبادل اللوم بين مكوناتها.
بدل أن تعلن عن رؤى مستقبلية واضحة، وتنخرط في معارك سياسية حقيقية ضد القوانين المجحفة التي تمررها الأغلبية، اكتفت المعارضة بالتشبث بماضيها والخوض في “حروب جانبية” مع شركائها داخل نفس الصف.
يبدو كأن جزءا كبيرا من المعارضة يعيش حالة من “الحنين السياسي”، حيث أصبح استحضار ما كان يمكن أن يحدث، أهم من التفكير في ما يجب فعله الآن.