المغرب يستعد لاعتماد التأمين الإجباري على السكن في خطوة غير مسبوقة

إيمان أوكريش: صحافية متدربة

يستعد المغرب لاتخاذ خطوة غير مسبوقة في مجال التأمينات من خلال اعتماد التأمين الإجباري على السكن، في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تحديث الإطار القانوني والتنظيمي لقطاع التأمينات وتعزيز حماية المواطنين من المخاطر المرتبطة بالسكن.

وقد أوكلت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS) إلى مكتب ARM Consultants، المتخصص في الدراسات الاكتوارية، مهمة إجراء دراسة لتقييم الجدوى الاقتصادية والاجتماعية لهذا المشروع.

ويبقى التأمين على السكن تدبيرا اختياريا في المغرب، رغم التوصية به بشدة سواء من قبل الملاك أو المستأجرين، حيث يوفر حماية  ضد الأضرار الناجمة عن الحوادث مثل الحرائق، الفيضانات، السرقة، أو كسر الزجاج، مما يسهم في تقليل الخسائر المالية التي قد تلحق بالمؤمن له.

وتتراوح كلفة هذه التغطيات بين 300 و500 درهم سنويا، وتظل نسبة الاشتراك في هذه التأمينات منخفضة مقارنة بالدول المتقدمة التي تجعل من التأمين على السكن شرطا إلزاميا.

وتهدف الدراسة التي أطلقتها هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي إلى تحليل عميق للسوق المغربي من حيث العرض والطلب على التأمينات السكنية.

وتتضمن الدراسة أيضا تقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية المحتملة لهذه الإلزامية، واقتراح التعديلات القانونية والتنظيمية اللازمة لضمان تنفيذ سلس لهذا المشروع. كما يتم دراسة آليات تطبيق الإلزامية بعناية لضمان امتثال الملاك والمستأجرين على حد سواء، دون أن يشكل ذلك عبئا ماليا كبيرا على الأسر ذات الدخل المحدود.

تعتبر هذه المبادرة خطوة نحو تعزيز ثقافة التأمين بين المواطنين، حيث ما زال الوعي بأهمية الحماية التأمينية ضعيفا نسبيا. فالعديد من الأفراد قيمة التأمين على السكن، معتبرين إياه تكلفة إضافية غير ضرورية، إلا أن الحوادث التي يمكن أن تلحق أضرارا جسيمة بالممتلكات تظهر أهمية هذا النوع من التغطية.

فعلى سبيل المثال، توفر عقود التأمين على السكن متعدد المخاطر حماية شاملة تغطي المباني السكنية والممتلكات من أضرار الحرائق، الانفجارات، الكوارث الطبيعية، إضافة إلى ضمانات تشمل أضرار المياه، كسر الزجاج، والمسؤولية المدنية تجاه الجيران أو الأطراف الثالثة.

أحد الأهداف الرئيسية من فرض التأمين الإجباري على السكن هو توفير حماية مالية  للمواطنين في حالة وقوع كوارث طبيعية أو حوادث غير متوقعة. ويحتاج المغرب، الذي عانى مؤخرا من زلازل وفيضانات بين الفينة والأخرى، إلى نظام تأمين  يساعد في التخفيف من الآثار السلبية لهذه الكوارث.

من الناحية الاقتصادية، يمكن أن يسهم التأمين الإجباري على السكن في تنشيط قطاع التأمين بشكل كبير من خلال زيادة عدد المؤمن لهم ورفع حجم الاشتراكات السنوية. وهذا من شأنه أن يخلق فرصا جديدة لشركات التأمين، ويحفزها على تطوير منتجات مبتكرة تلبي احتياجات السوق.

كما أن إدخال هذه الإلزامية سيؤدي إلى تحسين تنظيم القطاع وتعزيز الشفافية والمنافسة بين الفاعلين فيه، مما سينعكس إيجابا على جودة الخدمات المقدمة للمستهلكين.

لكن تطبيق هذا المشروع يواجه بعض التحديات، أبرزها القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصا في المناطق القروية التي تشهد معدلات دخل منخفضة مقارنة بالمناطق الحضرية.

ولضمان نجاح هذا المشروع، سيكون من الضروري وضع آليات دعم مالي للأسر ذات الدخل المحدود، أو تقديم صيغ تأمينية منخفضة التكلفة تتناسب مع احتياجاتها. كما أن التنفيذ الفعلي للإلزامية سيتطلب إنشاء نظام رقابي صارم لضمان الامتثال الكامل لهذا الإجراء من قبل الملاك والمستأجرين.

علاوة على ذلك، يحتاج قطاع التأمين في المغرب إلى تعزيز بنيته التحتية التقنية واللوجستية لمواكبة الطلب المتوقع بعد دخول الإلزامية حيز التنفيذ، حيث يفترض أن تكون الشركات التأمينية مستعدة لتقديم خدمات متكاملة وفعالة، بما في ذلك تسوية المطالبات بسرعة وشفافية، لضمان كسب ثقة المؤمن لهم.

في الوقت نفسه، ينبغي أن تواصل هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي دورها الرقابي لضمان حماية حقوق المستهلكين ومنع أي استغلال من قبل الشركات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button