المغرب يشدد الرقابة على تداول العملات المشفرة بعد ارتفاع غير مسبوق في القضايا

شهد المغرب خلال سنة 2023 ارتفاعًا لافتًا في قضايا التداول غير القانوني للعملات المشفرة، ما دفع السلطات إلى تشديد الرقابة واتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة هذه الظاهرة. وأشار تقرير حديث إلى تسجيل المحاكم المغربية 176 قضية متعلقة بالعملات الرقمية، بزيادة 42% مقارنة بعام 2022، حيث تم ضبط 259 متهمًا بينهم مغاربة وأجانب.
تزايد القضايا والمتهمين
بحسب التقرير، بلغ عدد القضايا المرتبطة بتداول العملات المشفرة 176 قضية سنة 2023، مقابل 124 قضية في 2022، مما يعكس تصاعد الظاهرة. كما شملت المتابعات 259 شخصًا، بينهم 192 مغربيًا و67 أجنبيًا، ما يعكس بعدًا دوليًا متزايدًا لهذه الجرائم.
ومن بين هؤلاء المتهمين، صدرت أحكام نهائية في حق 174 شخصًا، بينما تم تبرئة 31 آخرين، فيما لا تزال 54 قضية قيد التحقيق أو المحاكمة.
التهم والإدانات
تركزت التهم الموجهة إلى المتورطين حول:
- خرق قوانين الصرف: وهي التهمة الأبرز التي وجهت إلى 201 متهم، بسبب تحويل أموال دولية بطرق غير قانونية.
- إجراء معاملات مالية غير مشروعة: حيث تورط 147 شخصًا في استخدام العملات المشفرة دون ترخيص.
- غسل الأموال: تم ضبط 88 متهمًا بتهمة استخدام العملات المشفرة في عمليات تبييض الأموال وتحويلات مشبوهة.
- الاحتيال المالي: توبع 53 شخصًا في قضايا تتعلق بالاحتيال على مواطنين عبر منصات استثمار وهمية.
عقوبات صارمة لمكافحة الظاهرة
تراوحت الأحكام الصادرة بحق المدانين بين:
- عقوبات سجنية: شملت 112 مدانًا بأحكام تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات، فيما صدرت أحكام تتجاوز 5 سنوات في حق 23 شخصًا متورطين في غسل الأموال.
- غرامات مالية: تجاوزت قيمتها الإجمالية 24 مليون درهم، بمتوسط 138 ألف درهم لكل مدان.
- مصادرة الأصول: شملت 13.7 مليون درهم من العائدات غير المشروعة، إضافة إلى 216 محفظة رقمية تحتوي على 4.8 مليون درهم من العملات المشفرة.
قضايا بارزة هزّت الرأي العام
خلال سنة 2023، كشفت السلطات المغربية عن عدة شبكات متخصصة في استغلال العملات المشفرة بطرق غير قانونية، أبرزها:
- شبكة غسل الأموال الرقمية: كانت تنشط في الدار البيضاء، وتم ضبط 11 شخصًا تورطوا في معاملات مالية مشبوهة تجاوزت 7 ملايين درهم.
- قضية التحويلات الدولية المشبوهة: حيث تورط 26 شخصًا في تلقي أموال من الخارج وتحويلها عبر منصات غير مرخصة، مما أسفر عن إدانات بحق 19 متهمًا، مع فرض غرامات تصل إلى 2.5 مليون درهم.
- الاحتيال الاستثماري الرقمي: تفكيك شبكة تضم 9 أفراد كانوا يديرون منصات استثمار وهمية، استولوا عبرها على 1.3 مليون درهم من ضحاياهم.
موقف السلطات المغربية والتوصيات المستقبلية
أكدت رئاسة النيابة العامة أن المغرب ملتزم بمنع تداول العملات المشفرة خارج الإطار القانوني، من خلال تعزيز التنسيق بين الجهات الأمنية والقضائية لرصد أي أنشطة غير مشروعة.
وأوصى التقرير بضرورة:
- تعزيز التعاون الدولي لملاحقة شبكات غسل الأموال العابرة للحدود.
- إطلاق حملات توعية لتحذير المواطنين من مخاطر التعامل مع منصات غير مرخصة.
- تحديث القوانين لتشديد العقوبات على المخالفين.
ختامًا
يبرز الارتفاع الحاد في قضايا العملات المشفرة سنة 2023 مدى الحاجة إلى تشريعات أكثر صرامة، خاصة مع تزايد استخدام العملات الرقمية في أنشطة غير قانونية. وبينما تتواصل جهود السلطات لاحتواء هذه الظاهرة، يبقى الوعي العام ومتابعة التطورات القانونية عاملين أساسيين للحد من المخاطر المرتبطة بهذا المجال.