المندوبية السامية للتخطيط: قطاع الفلاحة يسجل أكبر خسارة في مناصب الشغل

نجوى القاسمي
كشفت المندوبية السامية للتخطيط عن أرقام صادمة تخص سوق الشغل الوطني خلال الفترة الممتدة ما بين الفصل الأول من سنة 2024 ونفس الفصل من سنة 2025، حيث تم إحداث 282.000 منصب شغل على المستوى الوطني، نتيجة خلق 285.000 منصب بالوسط الحضري مقابل فقدان 3.000 منصب بالوسط القروي. هذه الدينامية الإيجابية تأتي بعد سنة سجلت خلالها البلاد فقدانا قدره 80.000 منصب شغل.
ورغم هذا التحسن العام، فإن قطاع الفلاحة والغابة والصيد ظل الاستثناء السلبي، مسجلا فقدان 72.000 منصب شغل، وهو ما يمثل تراجعا بنسبة 3% من إجمالي مناصب الشغل في القطاع. هذا الرقم يضع وزير الفلاحة في موقف حرج، خصوصا في ظل الوعود السابقة بتحقيق نهضة قروية مستدامة وخلق فرص عمل في المجال القروي، الذي لا يزال يعاني من الهشاشة البنيوية.
وعلى النقيض من ذلك، عرفت باقي القطاعات الاقتصادية تطورا ملحوظا. فقد تمكن قطاع الخدمات من إحداث 216.000 منصب شغل جديد، بنسبة نمو بلغت 4%.
ويرجع هذا النمو إلى خلق 74.000 منصب في الخدمات الاجتماعية المقدمة للمجتمع، و66.000 منصب في الأنشطة المالية، التأمين، العقار، العلمية، التقنية، والخدمات الإدارية والدعم، بالإضافة إلى 48.000 منصب في فرع “التجارة. وقد استفاد من هذا النمو كل من الوسط الحضري بـ 156.000 منصب والقروي بـ 60.000 منصب.
أما قطاع الصناعة، فقد ساهم هو الآخر في تحريك عجلة التشغيل بإحداث 83.000 منصب شغل، ما يعادل نموا بنسبة 6%، توزعت بين 80.000 منصب في الوسط الحضري و3.000 في الوسط القروي. بدوره، عرف قطاع البناء والأشغال العمومية انتعاشًا بتوفير 52.000 منصب، منها 46.000 بالوسط الحضري و5.000 بالوسط القروي، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 4% في حجم الشغل.
من جهة أخرى، ورغم ارتفاع عدد مناصب الشغل المؤدى عنها بـ 319.000 منصب، فقد الاقتصاد الوطني 37.000 منصب شغل غير مؤدى عنه، وهو ما يعكس تحولات في طبيعة سوق العمل وتوجهه نحو القطاعات الرسمية والمؤطرة.
وبالنسبة للبطالة، فقد سجلت المندوبية تراجعا في عدد العاطلين بـ 15.000 شخص، لينخفض العدد الإجمالي إلى 1.630.000 عاطل على الصعيد الوطني. ويعزى هذا الانخفاض إلى تراجع البطالة بـ 40.000 شخص في الوسط الحضري، رغم ارتفاعها بـ 25.000 في الوسط القروي.
أما معدل البطالة، فقد انخفض من 13,7% إلى 13,3% على المستوى الوطني. هذا التحسن مردّه انخفاض المعدل في المدن من 17,6% إلى 16,6%، بينما سجل ارتفاع في العالم القروي من 6,8% إلى 7,3%. ورغم هذا الانخفاض العام، تبقى الأرقام مقلقة في بعض الفئات: إذ يبلغ معدل البطالة 37,7% لدى الشباب بين 15 و24 سنة، و19,9% لدى النساء، و19,4% لدى حاملي الشهادات.
أمام هذه المعطيات، يبقى قطاع الفلاحة والغابة والصيد النقطة السوداء في تقرير المندوبية، حيث يبرز التراجع المستمر في مناصب الشغل هشاشة السياسات القطاعية المتبعة، ويفتح الباب أمام مساءلة الوزير الوصي عن مآل البرامج التنموية التي وُعد بها العالم القروي، خاصة في ظل التحديات المناخية والاقتصادية المتزايدة.