الوافي تنتقد بنكيران.. لا للتهجم على شركاء المغرب باسم فلسطين

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أثارت تصريحات رئيس الحكومة المغربية الأسبق، عبد الإله بنكيران، موجة جدل واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية، بعد هجومه اللاذع على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونعته له بـ”المدلول”.
وكان ذلك خلال مشاركته في تجمع حزبي بمناسبة فاتح ماي بالدار البيضاء، وجاءت تصريحاته في سياق دفاعه عن القضية الفلسطينية، منتقدا بشدة الموقف الفرنسي من شروط الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ما تفوّه به بنكيران لم يُنظر إليه فقط على أنه موقف عاطفي تضامني مع فلسطين، بل اعتُبر من قبل فاعلين سياسيين ومتابعين للشأن الدبلوماسي، إساءة لرئيس دولة تعتبر شريكة استراتيجية للمغرب، خاصة في ظل الظرفية الإقليمية والدولية المعقدة التي تستوجب الحكمة وتغليب المصلحة العليا للوطن.
ولعل أبرز ردود الفعل جاءت من داخل حزب العدالة والتنمية نفسه، حيث خرجت القيادية والوزيرة السابقة نزهة الوافي عن صمتها، موجهة نقداً لاذعاً لتصريحات بنكيران، واصفة إياها بأنها تتعارض مع الأعراف السياسية والدبلوماسية، ومؤكدة أن الدفاع عن فلسطين لا ينبغي أن يكون على حساب كرامة الدول الحليفة للمغرب.
وأكدت الوافي، في تدوينة على صفحتها بالفيسبوك، أن الموقف المغربي من القضية الفلسطينية ثابت ولا يحتاج إلى مزايدات لفظية قد تسيء لصورة البلاد.
وشددت على أن “المنطق السياسي والدبلوماسي يقتضي استحضار المصلحة الوطنية وتجنب الخصومات”، داعية إلى خطاب سياسي أكثر اتزاناً وتوافقاً مع المرجعية الأخلاقية الإسلامية التي ينطلق منها الحزب ذاته.
كثير من المحللين اعتبروا أن تصريحات بنكيران قد تؤثر سلباً على صورة المغرب دولياً، خاصة في وقت تعمل فيه الدبلوماسية المغربية على توسيع تحالفاتها وشراكاتها الإستراتيجية، في ملفات حساسة كقضية الصحراء والهجرة والأمن الطاقي.
وفي هذا السياق، قال محمد أوجار، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، في كلمته اليوم السبت (3ماي 2025) خلال تدشين الحزب لمبادراته التواصلية بمدينة الداخلة، إن المغرب لا ينسى من سانده في قضاياه الوطنية.
وخصص”تحية شكر” للرئيس الفرنسي ماكرون، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، نظير مواقفهم من ملف الصحراء المغربية.
ففرنسا، بقيادة ماكرون، كانت من بين الدول التي أعلنت دعمها الصريح لمغربية الصحراء، وهو موقف أربك حسابات الجزائر وكرّس الموقف المغربي في المحافل الدولية.
الجدل الدائر حول هذه الخرجة اللفظية يعكس أيضاً أزمة أعمق داخل حزب العدالة والتنمية، الذي لا يزال يعيش على وقع تراجع شعبيته منذ الانتخابات الأخيرة.
فبنكيران، الذي عاد لقيادة الحزب، وجد نفسه أمام تحدي إعادة بناء الثقة في صفوف قواعده، لأن أسلوبه في الخطاب – الذي ميزه خلال ولايته الأولى – لم يعد يلقى نفس القبول في ظل تغير السياق السياسي والإقليمي.