اليحياوي لموقع “إعلام تيفي”: الوضع الحالي يستدعي تحلية مياه البحر لضمان الأمن المائي

خديجة بنيس: صحافية متدربة 

أفاد تقرير حديث نشره موقع “Vert.eco” بأن تحلية مياه البحر قد تبدو حلاً سريعاً لمشكلة نقص المياه في المغرب، ويثير التقرير المذكور تساؤلات كبيرة حول مدى استدامة هذه التقنية على المدى الطويل، وأشار أنه قد يشكل الاعتماد المتزايد على تحلية المياه مخاطر بيئية وتأثيرات سلبية قد تدفع البلاد إلى إعادة تقييم استراتيجياتها المائية والبحث عن بدائل أكثر استدامة للحفاظ على الموارد المائية الطبيعية.

في السياق نفسه أكد جلالة الملك محمد السادس، في خطاب ذكرى عيد العرش الخامس والعشرين، على أهمية معالجة مشكلة الماء في المغرب، مشددا على أن  هذا الموضوع أصبح ذا طابع استعجالي بسبب تأثير سنوات الجفاف المتعاقبة على الموارد المائية في البلاد.

وذكر جلالته  أن الماء ليس مجرد مادة حيوية، بل هو أيضاً عامل أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأشار إلى أن المغرب يواجه تحديات كبيرة في تأمين موارد المياه، ما يتطلب جهودًا مكثفة واستراتيجيات فعالة للتعامل مع هذا الوضع، كما دعا إلى تعزيز تدابير الحفاظ على الماء، والبحث عن حلول مبتكرة لتحسين إدارة الموارد المائية.

تفاعلا مع  الموضوع أوضح أستاذ المناخ والتغيرات المناخية والبيئة في جامعة القاضي عياض، عبد العزيز اليحياوي، بأن إشكالية الموارد المائية في المغرب يمكن فهمها من خلال مؤشرين، الأول طبيعي متعلق بعنصر التساقطات والخلل الحاصل في كمياتها وتوزيعاتها وأنظمتها التي اختلت نتيجة الاحتباس الحراري، خاصة وأن المغرب يعيش السنة السابعة على التوالي من الجفاف، الأمر الذي يستعدي أن نعي ونفهم بعمق تأثير هذا الخلل الناتج عن التغيرات المناخية، وارتقاع درجة حرارة الكرة الأرضية على الموارد المائية سواء كانت سطحية أو جوفية وكذا على حقينة السدود.

وأضاف المتحدث في تصريح لموقع “إعلام تيفي”، أن تأثير هذه الظواهر على المياه الجوفية، التي يعتمد عليها المغرب في تلبية احتياجات الشرب، يمثل تحدياً كبيراً، وأشار إلى أن ارتفاع درجات الحرارة سيكون له تأثير على الفرشات المائية الواقعة قرب السواحل، حيث أن ذوبان الجليد القطبي وارتفاع منسوب مياه البحر قد يؤديان إلى تسلل مياه البحر إلى الفرشات المائية، هذا التسلل من شأنه أن يحول المياه الصالحة للشرب إلى مياه مالحة. في هذه الحالة، يصبح من الضروري على الدولة العمل على تحلية هذه المياه الجوفية لضمان توافر موارد مائية صالحة للشرب.

أما المؤشر الثاني، أوضح اليحياوي بأنه يرتبط بتدبير شح المياه وإكراهات الجفاف من طرف الناس، خاصة وأن الجفاف أصبح مسترسلا وبالتالي أصبح هيكليا.

وأورد المتحدث أن المغرب يتجاوز بخطى ثابتة هذه الإكراهات لتخطي التحديات والإرساء على بر الأمان بأقل الخسائر، فنجد أنه عمد إلى تنويع مصادر جلب المياه، حيث تعتبر تقنية تحلية مياه البحر إحدى الحلول وليست الحل الوحيد، فقد لجأ إلى تقنية تصفية المياه العادمة لاستعمالها في سقي الفضاءات الخضراء، كما هو الحال في مدينة مراكش والرباط وطنجة، هذه المدن تشكل نموذجا يقتدى به على المستوى الوطني بعد أن قطعت أشواطًا كبيرة ومهمة في تصفية المياه العادمة.

سجل عبد العزيز اليحياوي أن المغرب أدرك منذ سنوات أن الاتجاه نحو تحلية مياه البحر يمكن أن يكون الحل الأنسب في ظل الجفاف المستمر الذي تعيشه البلاد، واستدرك المتحدث بأن الاستثمارات في هذا الاتجاه لم تكن على مستوى الإدراك، مما جعل المغرب يواجه تحديين: توفير الماء الصالح للشرب للساكنة، وفي الوقت ذاته تقليص العجز المتراكم، لأن السياسات لم تواكب الوعي بالاستعجال في إيجاد الحلول، خاصة وأن حقينات السدود سجلت مستويات منخفضة على مدار السنوات الأخيرة.

وتابع المتحدث في هذا الصدد بأن سد المسيرة، باعتباره ثاني أكبر سد في المغرب، الذي يخزن كميات كبيرة من المياه، وصل منسوب المياه فيه إلى 5 بالمئة، ونسبة المياه المخزنة في السدود المغربية بشكل عام تبلغ حوالي 27 بالمئة، وبالتالي، فإن المغرب على مشارف العودة إلى الوضع الذي كان عليه قبل التساقطات المطرية التي أنعشت السدود خلال شهر مارس الماضي.

وأبرز اليحياوي بأن الدولة المغربية لم يعد أمامها خيارات لتحقيق الأمن المائي، وبالتالي فإن تحلية المياه البحرية أصبحت ضرورة ملحة، تقتضيها هذه الظرفية المناخية الحرجة التي تعيشها بلادنا.

زر الذهاب إلى الأعلى