بركة: ثقافة “الفراقشية” في ارتفاع مستمر.. وإحياء القيم أول جبهة للإصلاح

حسين العياشي
وجّه نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، رسالة مباشرة وقاسية بشأن استفحال الفساد، وذلك خلال “ملتقى الميزان للشباب 2.0″، بمدينة بوزنيقة. معتبرًا أ، البلاد تشهد خلال السنوات الأربع الأخيرة ارتفاعاً قياسياً في المتابعات على خلفية قضايا الفساد، طالت منتخبين وبرلمانيين وقضاة وموظفين، في وتيرة لم تعرفها المملكة من قبل.
بركة، وهو يستعرض تشخيصه، أكد أن تعدد الآليات والمؤسسات المخصصة لمحاربة الفساد لم يحُل دون تمدده، بل إن الأرقام المسجلة توحي بالعكس. غير أنه رفض اختزال المشكلة في الأدوات القانونية والمؤسساتية وحدها، معتبراً أن “جذر الداء” قيمي بالأساس: حين يُنظر إلى المرتشي، ومن يقتني السيارات والفيلات بأموال مشبوهة، بوصفه “رجلاً صالحاً”، بينما يُوسَم النزيه بـ”غير الصالح”، فذلك دليل على اختلال في منظومة القيم يجب تصويبه. ومن هنا شدد على أن مدخل التخليق يبدأ من استعادة القيم الإسلامية الجامعة، وإبراز النماذج الأخلاقية، ورفض دعم المفسدين اجتماعياً وانتخابياً.
ودعا بركة المواطنات والمواطنين إلى مجابهة ما سماه “ثقافة الهمزة” و”ثقافة الوصولية” و”ثقافة الفراقشية”، باعتبارها سلوكيات تُضعف الثقة وتضر بالمصلحة العامة، مؤكداً أن حزب الاستقلال سيتصدى لها سياسياً وتنظيمياً وثقافياً. ورأى أن كلفة التساهل مع هذه الظواهر لا تُقاس فقط بالمال المهدور، بل بما تخلّفه من يأس لدى الشباب وإحباط لدى الكفاءات وإرباك لمسار التنمية.
الملتقى لم يتوقف عند التشخيص. فوفق المنظمين، أفضت النقاشات إلى خلاصات عملية ستُترجم إلى «ميثاق للشباب» يشكل قاعدة للتزام متبادل بين الأجيال، على أن يقدمه الحزب يوم 11 يناير 2026، تزامناً مع إحياء الذكرى الثانية والثمانين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال. وقد تميزت الفعاليات بمبادرة “مقهى السياسات التفاعلي”، التي جمعت شباباً بعدد من وزراء الحزب في حوار مباشر حول القضايا الراهنة، في تجربة تروم ترميم الثقة بين الشباب وصنّاع القرار، وتدريب الجيل الصاعد على نقاش عمومي رصين يوازن بين الواقعية والطموح.
بهذه الروح، بدا خطاب بركة أقرب إلى دعوة لإعادة ترتيب الأولويات: دولة قانون بأنياب، ومجتمع يُكافئ النزاهة لا المراوغة، ومؤسسات تُعيد الاعتبار للعمل العام وتفتح أبوابها أمام شباب يؤمن بأن الإصلاح يبدأ من سلوك يومي صغير قبل أن يتحول إلى سياسة عمومية كبرى.





