بركنان ل”إعلام تيفي”: ”النزاع الهندي الباكستاني واجهة صراع أمريكي صيني ومنصة لاستعراض الأسلحة”

فاطمة الزهراء ايت ناصر

أكد الخبير السياسي سعيد بركنان أن الصراع الحدودي بين الهند وباكستان لا يمكن عزله عن التوازنات الدولية الجديدة التي بدأت تتشكل في العقد الأخير، معتبرًا أن هذا النزاع هو نتاج مباشر لصراع القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

وأوضح بركنان ل“إعلام تيفي” أن هذا النزاع، الذي تعود جذوره إلى النصف الأول من القرن العشرين، ظل حبيس الهدنات المتكررة، ولم يختفِ تمامًا، بل كان يظهر من حين لآخر على السطح. غير أن القصف الهندي الأخير لمنطقة باكستانية، أول أمس، أعاد إحياء هذا الصراع في سياق عالمي مغاير تمامًا، وصفه بـ”الحلة الجديدة المنسوجة من خيوط توازنات ومعادلات كونية مختلفة”، أهم أطرافها هذه المرة هما الولايات المتحدة الأمريكية والصين، خلافًا لما كان عليه الوضع سابقًا حين كانت روسيا هي الطرف المقابل لأمريكا.

وأشار إلى أن هذا التصعيد لا يمكن قراءته بمعزل عن بؤر توتر أخرى في العالم، على رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، والتصعيد في الشرق الأوسط، خاصة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، وكذلك الأحداث المتلاحقة في سوريا. وأبرز أن التركيب المنطقي بين هذه المعطيات، إلى جانب الصراع الاقتصادي العلني الذي أطلقته إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضد الصين، يجعل من المستحيل فصل النزاع الهندي الباكستاني عن هذه التفاعلات الدولية.

وكشف بركنان أن المعلومات العسكرية الواردة عقب التصعيد الأخير أكدت أن أغلب الطائرات الحديثة، بما في ذلك الطائرات المُسيرة التجسسية، التي استخدمتها الهند في قصف باكستان، تم إسقاطها بواسطة المنظومة الدفاعية الباكستانية، وهو ما يؤكد ـ حسب رأيه ـ أن “بؤرة الصراع الهندي الباكستاني تحولت إلى مختبر تجريبي ومنصة لاستعراض القدرات الدفاعية والعسكرية لكلا المعسكرين؛ المعسكر الأمريكي الغربي من جهة، والمعسكر الصيني من جهة أخرى”.

وأوضح أن المنظومة الدفاعية التي استخدمتها باكستان هي منظومة صينية بامتياز، في مقابل اعتماد الهند على معدات غربية بنسبة تفوق 80%، بعد أن كانت، حتى وقت قريب، تعتمد بنسبة 90% على السلاح الروسي.

وأبرز أن فشل المعدات العسكرية الهندية في تجاوز المنظومة الصينية هو رسالة استراتيجية عميقة ضمن هذا التنافس العالمي.

وشدد بركنان على أن ما يحدث ليس مجرد حرب محلية بين بلدين جارين، بل هو نتيجة مباشرة لمنظومة اقتصادية وأمنية جديدة تشهد تحولًا حادًا في مواقع القوة، لاسيما في ظل إعلان الصين دعمها الصريح لباكستان، واعتماد الأخيرة على التكنولوجيا العسكرية الصينية بنسبة تفوق 80%.

وفيما يخص موقف المغرب من هذا النزاع، أكد بركنان أن الدبلوماسية المغربية لطالما تميزت بنهج الحياد الإيجابي والتموقع المتوازن، مشيرًا إلى أن العلاقات التي تجمع المغرب بكل من الهند وباكستان تتميز بالاحترام المتبادل والتعاون السياسي والدبلوماسي المتكافئ.

وأضاف أن “المغرب، من منطلق سياسته الخارجية الثابتة، سيواصل الدعوة إلى التهدئة، وضبط النفس، والعودة إلى طاولة الحوار، بعيدًا عن لغة السلاح والتصعيد”.

وأكد الخبير السياسي على أن الحرب الهندية الباكستانية ليست مجرد حدث عابر في منطقة جنوب آسيا، بل هي مؤشر واضح على تحولات بنيوية في النظام العالمي، وعلى دخول العالم مرحلة جديدة من الصراعات الاقتصادية والعسكرية بين أقطاب القوة الكبرى، في مقدمتها واشنطن وبكين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى