بعد الاعتداء على الحياني.. التامني تدين البلطجة التي باتت تمارس ضد الأصوات الحرة

حسين العياشي
شهد مجلس مدينة الرباط، توتراً غير مسبوق بعد تعرض عمر الحياني، عضو المجلس عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، لاعتداء جسدي داخل الممر المؤدي إلى قاعة الجلسات. الهجوم، الذي نفذه أشخاص استُقدِموا خصيصاً لتعكير سير الجلسة والتشويش عليها، حسب بيان الفيدرالية، أعاد إلى الواجهة جدلية العنف السياسي و”البلطجة” داخل المؤسسات المنتخبة، مسلطاً الضوء على المخاطر التي تواجه المنتخبين أثناء ممارسة مهامهم والدفاع عن مصالح الساكنة، في بيئة يفترض أن تسودها الديمقراطية والحوار. وعلى إثر ذلك قرر الحياني، وضع شكاية لدى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المعتدين.
هذه البلطجة أثارت علامات استفهام كبيرة بين أوساط المواطنين، بل منهم من ربط خلفية الاعتداء، بتدوينة نشرها الحياني قبل يوم من انعقاد الدورة، أعرب فيها عن اعتراضه على قرار بيع جماعة الرباط لأرض جماعية بحي الرياض، لفائدة فرع البنك الدولي لتشييد مقره الجهوي. هذه الأرض، المتواجدة بالقطاع 13، كانت مخصصة وفق تصميم التهيئة لتجهيزات جماعية، من بينها دار للشباب ودار للنساء، وهو ما أثار غضب شباب العاصمة واعتُبر تجاوزاً لحقوق المجتمع المحلي واحتياجاته. خاصة في ظل السياق الحالي، الذي يعرف ارتفاع منسوب الاحتجاج خاصة في أوساط الشباب، الذين يرون أنفسهم مهمشين في كل المجالات، سواء على المستوى الوطني أو المحلي.
وبدورها، اعتبرت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، في تصريح ل”إعلام تيفي”، أن تصاعد مظاهر التضييق والبلطجة السياسية التي تمارسها مكونات الأغلبية الحكومية ضد المنتخبين في عدد من الجماعات الترابية، يمثل محاولة مكشوفة لإسكات الأصوات الحرة والمستقلة، وضرب ما تبقى من روح التعددية والديمقراطية المحلية.
وأكدت التامني أن الممارسات التهديدية والضغوط، بل وحتى أساليب الابتزاز السياسي، تكشف عن نزعة تسلطية تتنافى مع أبسط القواعد الديمقراطية ومبدأ تكافؤ الفرص بين المنتخبين. مضيفة، أن المنتخبين سيظلون أوفياء لمبادئهم ومسؤوليتهم تجاه المواطنات والمواطنين، متمسكين بالنزاهة والشفافية، ومدافعين عن المرفق العمومي ضد كل أشكال الريع والفساد والتحكم.
كما دعت وزارة الداخلية والهيئات الرقابية إلى تحمل مسؤوليتها في حماية حرية الممارسة السياسية وضمان حياد الإدارة، كما طالبت القوى الديمقراطية والرأي العام، بفضح هذه الممارسات التي تسيء للتجربة الديمقراطية المحلية وسمعة المؤسسات المنتخبة، مؤكدة أن التضييق والبلطجة لن ترهبهم، بل ستزيدهم إصرارًا على المضي في خطهم النضالي.
وفي السياق نفسه، أصدرت مكاتب فروع فيدرالية اليسار الديمقراطي بياناً رسميًا، أكدت فيه أن المجموعة التي اعتدت على الحياني لا علاقة لها بأشغال المجلس، وقد حضر أفرادها بهدف التشويش على مداخلات الفريق وتوجيه الإهانات لأعضائه، في محاولة للتأثير على سير النقاش داخل الجلسة. وأشار البيان إلى أن المجلس شهد واقعة مشابهة خلال دورة مايو الماضية، ما يطرح تساؤلات جدية حول تكرار ممارسات تهدد حرية العمل السياسي والنقاش الديمقراطي داخل المؤسسات المنتخبة.
ويعكس هذا الحادث تعقيدات المشهد السياسي المحلي بين محاولات التكميم والتضييق على الأصوات المعارضة، وضرورة حماية حقوق المنتخبين وضمان سير الديمقراطية المحلية وفق القانون والشفافية، في مؤسسات يفترض أن تكون نموذجاً للحوار والمسؤولية والممارسة السياسية الحرة.