بلكبير ل”إعلام تيفي”: “مصالح أمريكا تدفعها لتعزيز التحالف مع المغرب انطلاقًا من الصحراء”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكد المحلل الأكاديمي والسياسي المغربي عبد الصمد بلكبير أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت ترى في المغرب شريكًا استراتيجيًا يخدم مصالحها الحيوية في القارة الإفريقية، وهو ما يفسّر تعزيز تحالفها معه انطلاقًا من الأقاليم الجنوبية، وخاصة الصحراء المغربية.
وأوضح “إعلام تيفي” أن هذا التحول في الموقف الأمريكي لا ينفصل عن التغيرات العميقة في الاستراتيجية العالمية لواشنطن، والتي باتت تقوم على منطق الهيمنة الناعمة بدل السيطرة التقليدية، في ظل تنامي التهديدات الجيوسياسية المرتبطة بالتمدد الصيني والروسي والتركي في إفريقيا.
وأوضح بلكبير أن صقور السياسة الأمريكية والمجمّع الصناعي العسكري الذين كان لهم دور في تغذية النزاعات في العالم، باتوا اليوم خارج دوائر التأثير، مشيرًا إلى أن صعود الرئيس الأسبق دونالد ترامب شكّل لحظة فاصلة في إعادة رسم أولويات السياسة الأمريكية.
وقال إن “مرحلة زرع الألغام وخلق النزاعات طويت انتهت، وبدأت مرحلة جديدة قوامها تأمين المصالح لا عبر الحروب، بل عبر الشراكات الجيوسياسية والتنافس الاقتصادي والتكنولوجي”.
وكشف أن واشنطن لم تعد تراهن على “الإسلام السياسي”، الذي انتهى إلى مآلات عنيفة ومتطرفة، بل أصبحت تدرك الحاجة إلى نموذج إسلامي بديل، وهو ما وجدت ضالتها فيه في النموذج المغربي، الذي راكم تجربة غنية في نشر إسلام التسامح والتصوف والاعتدال، منذ أكثر من عقدين.
وأضاف: “المغرب يقدم بضاعة استراتيجية أخطر من السلاح، وهي الإسلام المغربي المعتدل، الذي ينتجه ويسوّقه منذ 25 سنة، عبر أئمته وفقهائه ومؤسساته الدينية الرائدة”.
وبيّن بلكبير أن هذا المعطى الديني ليس معزولًا عن البعد الأمني، إذ إن الولايات المتحدة لا يمكنها، بحسب تعبيره، القضاء على الخطر الإرهابي المتبقي في الساحل الإفريقي دون الاعتماد على المغرب، باعتباره قوة روحية واستقرارًا سياسيًا ونموذجًا دينيًا فريدًا.
وفي سياق متصل، أبرز بلكبير أن المغرب بصدد تحوّل استراتيجي نوعي، مشيرًا إلى أن “المغرب كان مرتبطًا تاريخيًا بأوروبا، أما اليوم فقد أصبح فاعلًا مركزيًا في فضاء الأطلسي، الذي يعيد رسم التوازنات الإقليمية والدولية”، وهو ما يجعل من الصحراء المغربية نقطة انطلاق لهذا التموقع الجيوستراتيجي الجديد.
وختم بلكبير مداخلته بالتأكيد على أن جلالة الملك محمد السادس بصم تاريخ المغرب المعاصر من خلال استعادة العمق الإفريقي للمملكة، وإطلاق استراتيجية الأطلسي، التي تتجاوز النزاع المفتعل حول الصحراء، لتؤسس لتحالفات اقتصادية وأمنية وروحية جديدة بين المغرب وقوى كبرى كأمريكا.
وقال: “نحن اليوم أمام لحظة مفصلية، حيث تعود هذه الأرض المقدسة، الصحراء المغربية، إلى لعب دورها المحوري في بناء مستقبل إفريقيا انطلاقًا من قيم الاستقرار، والدين، والدولة، والنظام”.
وجاء تصريح بلكبير على هامش مشاركته في ندوة وطنية احتضنتها مدينة العيون يوم السبت 21 يونيو 2026، تحت شعار: “الصحراء المغربية: من شرعية التاريخ إلى رهانات المستقبل”، نظمتها المجموعة الموضوعاتية المؤقتة المنبثقة عن مجلس المستشارين، والمكلفة بتقديم الاستشارة في موضوع الوحدة الترابية للمملكة.