بن خضرة: ضرورة إنفاذ مشروع القانون 03.23 مع مراجعة المواد المثيرة للجدل
خديجة بنيس: صحافية متدربة
أثارت بعض مقتضيات مشروع قانون المسطرة الجنائية جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية والاجتماعية. من بين النقاط المثيرة للجدل، التركيز على حقوق المشتبه فيهم وضمانات الدفاع، حيث يتساءل العديد حول مدى كفاية التعديلات التي أُدخلت لتعزيز هذه الحقوق. كما أثار موضوع الحراسة النظرية والمدة التي يقضيها المشتبه فيه تحتها تساؤلات حول مدى تأثيرها على حرية الأفراد وحقهم في التعويض، خاصة في ظل تنقل المشتبه فيهم بين الدوائر القضائية.
في هذا الصدد أفاد سعيد عبد الرحمان بن خضرة، نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في قلعة السراغنة، بأن هناك بعض المواد المهجورة التي تم إغفالها في المادة 66 من مشروع قانون المسطرة الجنائية. ومع ذلك، فإن التعديلات التي طالت هذه المادة همت حقوق الدفاع والمشتبه فيهم، بالإضافة إلى بعض الأشخاص في وضعيات خاصة، مثل الأحداث وذوي الحاجات الخاصة.
تهدف هذه التعديلات إلى توسيع ضمانات المشتبه فيهم بشكل عام، وأعادت النظر في آلية مراقبة عمل الشرطة القضائية. وأوضح بن خضرة أن الوضع تحت الحراسة النظرية يُعتبر تدبيرًا استثنائيًا، ويجب أن تُكفل فيه الحقوق والحريات، حيث يُسمح للمشتبه به بالاتصال بمحاميه خلال الساعات الأولى، مما يُعتبر لصالح الدفاع.
ورغم عدم التنصيص على إمكانية حضور المحامي خلال جميع مراحل الاستجواب، فإن آلية التسجيل السمعي البصري توفر حماية إضافية للمشتبه فيهم، حيث يمكن الرجوع إليها في حال حدوث خروقات أو تجاوزات. كما تم تعزيز حق الصمت في القانون الحالي.وفق سعيد بن خضرة
وأبرز المتحدث في تصريح له ل”إعلام تيفي” أن هناك نقطة تثير الاستفهام تتعلق بتنقيل شخص مشتبه فيه تم إلقاء القبض عليه في دائرة قضائية غير تلك التي كان مبحوثًا عنه فيها.
وتابع بن خضرة موضحا أن هذه النقطة تهدف إلى تسهيل الوصول إلى الحقيقة والعدالة، إذا ألقي القبض على شخص في دائرة قضائية غير مختصة، فإن تلك المدة تحتسب فقط إذا تم الحكم عليه بعقوبة حبسية. في حال تم إخلاء سبيل المشتبه به لعدم كفاية الأدلة أو لانعدام ثبوت الفعل الجرمي عليه، يتساءل الجميع: هل تستحق هذه المدة تعويضًا؟
أبرز بن خضرة أنه عندما نتحدث عن جرائم الحق العام، وفي حالة تم التعرف على مشتبه فيه من قبل الضحية واعتقاله في منطقة أو دائرة قضائية أخرى، فإن نقله إلى الدائرة الأصلية، التي قد تبعد حوالي 1000 كيلومتر أو أكثر، قد يستغرق يومًا أو أكثر، مما يعتبر قيدًا على الحرية. هنا يطرح تساؤل حول ما إذا كانت هذه المدة تستحق تعويضًا أم لا.
وبحسب المتحدث فإنه يجب أن نأخذ في الاعتبار الغاية العامة من قانون المسطرة الجنائية وقواعد المحاكمة الجنائية، التي تهدف إلى الوصول إلى الحقيقة والعدالة، مما يستلزم تسهيل عمل الأجهزة الأمنية. إذا اعتبرنا أن كل إجراء يستحق التعويض باعتباره مساسًا بالحرية، فإن هذا قد يمنع البحث في العديد من الجرائم، مما قد يؤدي إلى تزايدها.
وتجدر الإشارة إلى أن الأجهزة الأمنية تواجه خيارين: إما القبض على شخص تتوفر فيه جميع الأدلة القوية، وهو أمر قد يكون مستحيلًا منذ البداية، حيث يجب على المشتبه فيه أن يخضع لتحقيق شامل وحكم قانوني.
لذا، يؤكد بن خضرة على أنه من الضروري إعادة النظر في هذه المسألة والتمييز بين جرائم الحق العام والحق الخاص. في حالة الجرائم الخاصة، يمكن للمدعي المطالبة بالتعويض من الشخص الذي قام بالادعاء عليه.
أما بالنسبة لجرائم الحق العام، فإن العدالة والوصول إلى الحقيقة قد يتطلبان بعض التضحيات من المواطنين، دون المساس بكرامتهم الإنسانية. وبالتالي يجب مراجعة هذه المقتضيات لضمان كرامة الإنسان، مع الحفاظ على حريته، وليس سحب المشروع برمته لأنه يتضمن مكتسبات مهمة.