
فاطمة الزهراء ايت ناصر
كشف رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، وعضو الأمانة العامة للحزب، عن معطيات خطيرة تتعلق بقطاع الأدوية بالمغرب، مؤكدا أن ما يحدث اليوم لم يعد مجرد اختلالات تقنية، بل تحول إلى ما وصفه بفضيحة من العيار الثقيل، تتداخل فيها مصالح شركات نافذة مع مسؤولين داخل الحكومة.
وقال المتحدث، خلال حلوله ضيفا على برنامج “محقق الشعب” الذي يقدمه الصحافي أشرف بلمودن، إن أزمة الأدوية ليست وليدة اليوم ولا تخص المغرب فقط، مشيرا إلى أن دولا كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا عاشت خلال فترة جائحة كورونا وضعا مشابها، قائلا: “اللوبيات تتحكم في اقتصاديات دول كبرى، ولوبي الأدوية أقوى من لوبي السلاح”.
وأوضح رئيس الفريق النيابي أن المغرب ناقش هذا الملف في عدة محطات، خصوصا في 2009 و2015 و2025، وكانت المعطيات دائما تشير إلى فوارق صادمة بين سعر بيع الأدوية للمغاربة وأسعارها في أوروبا.
وأورد أن دراسات للكنوبس والجمارك شملت 321 دواء أظهرت أن بعضها يباع في المغرب بثمن مضاعف مئات المرات مقارنة بفرنسا وبلجيكا.
وتوقف عند تصريحات سابقة لوزير الميزانية فوزي لقجع، الذي قال خلال نقاش مشروع قانون المالية لسنة 2025 إن ارتفاع أسعار بعض الأدوية بما يفوق 300% أمر غير مقبول.
ورغم تخفيضات الجمارك التي قدمتها الحكومات المتعاقبة، يقول المتحدث، فإن المواطن لم يستفد شيئا، مضيفا: “نخفض الرسوم، ولا ينخفض الثمن… اللهم إن هذا منكر”.
وأشار المتحدث إلى أن تنظيم قطاع الأدوية يعيش اختلالات بنيوية، بدءا من نظام تحديد الأسعار الذي تتحكم فيه الحكومة وفق قانون 17.04، وصولا إلى نظام منح رخص التصنيع.
وأضاف أن هناك ملفات غير منطقية، منها ملفات تبقى ثلاث سنوات للحصول على رخصة تصنيع، في حين تحصل ملفات أخرى على الموافقة في ثلاثة أشهر فقط، دون توضيح المعايير.
كما تحدث عن مشكل الصفقات التي تخرج بدون جدوى، مشيرا إلى أن أكثر من 50% من صفقات شراء الأدوية تفشل وتتحول إلى رخص مؤقتة للاستعمال (Autorisation d’usage exceptionnel)، وهو ما اعتبره بابا للتلاعب والزبونية.
وفي أبرز ما جاء في تصريحاته، قال رئيس الفريق النيابي إن شركة فارما بروم التي اعتبر أنها مرتبطة بوزير كان داخل الحكومة استفادت خلال 2024 و2025 من صفقات تجاوز مجموعها أزيد من 32 مليون درهم مركزيا، فيما قد يتجاوز مجموع تعاملاتها، حسب الأرقام المتاحة، 50 مليون درهم.
وأضاف: “نحن لا نهاجم الشركات… نحن نسائل الحكومة: هل هذه الشركة حصلت على رخص الاستعمال الاستثنائية أم لا؟ ولماذا تضاعفت الصفقات التي تستفيد منها منذ وجود هذا الوزير؟”.
وتوقف المتحدث عند أزمة انقطاع مادة البوتاسيوم KCL الحيوية المستعملة في الإنعاش وأمراض القلب، مؤكدا أن المصنع الوطني قام بتوسعة منشآته، لكن الوزارة لم ترسل اللجنة اللازمة للمراقبة لتمكينه من استئناف الإنتاج.
وأضاف: “هذا التأخير قد يكون مقصودا… وقد يخلق فراغا تستفيد منه شركات تريد بيع الدواء الذي تستورده بالأثمنة التي تريد”.
وأكد أن بعض الدفاعيين عن الحكومة على حد وصفه هاجموه ووصل بهم الأمر إلى التهديد بالمتابعة القضائية، لكنه شدد على أن الملف واضح، ويحتاج فقط أجوبة مباشرة.





