تجارة الوهم ..كيف تساهم الدعاية الرقمية في تضليل المستهلك؟

نجوى القاسمي: صحافية متدربة
في عصر تتحكم فيه الشاشات في قراراتنا اليومية، أصبح المؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة بوصلات توجه المستهلكين نحو منتجات وخدمات لا يعرفون عنها سوى ما يعرض لهم في دقائق معدودة. بين وعود براقة وتجارب مزيفة، يجد المستهلك نفسه أمام عالم من الإعلانات المغرية التي قد تكون في كثير من الأحيان مجرد سراب. فهل أصبحت المصداقية سلعة نادرة في سوق الدعاية الرقمية؟ وهل المؤثرون شركاء في بناء الثقة أم مجرد أدوات لتحقيق الربح السريع؟
حماية المستهلك مسؤولية مشتركة بين المؤثرين والمستهلكين
أكد الخبير السيبراني أمين راغب خلال حديثه لموقع اعلام تيفي أن العديد من المؤثرين أصبحوا يضعون الربح المادي هدفهم الأول، حتى وإن كان ذلك على حساب المصداقية والثقة التي يجب أن تكون بين المستهلكين ومن يروجون للمنتجات. وأشار إلى أن الإعلانات المزيفة في مواقع التواصل الاجتماعي من لدن المؤثرين همهم الأوحد الربح، حيث إنه لا يمكن أن يأتي مؤثر يصله منتج في الليل، وفي الصباح يقومون بالإعلانات. هذا غير مقبول .
وأضاف راغب أن غياب وعي المؤثرين بأهمية المصداقية في الإعلانات سيؤدي بهم في النهاية إلى دمارهم.
وأوضح أن المسؤولية لحماية المستهلك من الإعلانات مسؤولية مشتركة بين المؤثرين والمستهلك
وأشار إلى أن المؤثر يجب أن يتحلى بالمصداقية في حديثه عن المنتج، ويجب أن تكون تجربته صادقة دون الرضوخ لضغوط الشركة. ويجب فرض حتى يتم تجربته ويعطي نتيجة بدون تطبيل للمنتج .
كما دعا إلى فرض قوانين صارمة تلزم المؤثرين بإفصاح نوع الشراكات في حالة إذا كان الإعلان مدفوع الأجر، دون قصص وهمية
من جهة أخرى، أكد أمين على ضرورة أن يختار المؤثرون الشركات التي يتعاملون معها بعناية، وليس مع أي شركة، مشيرا إلى أن مسؤولية الأفراد تكمن في التحقق من أي منتج قبل تجربته، وعدم الانسياق وراء ادعاءات المؤثرين.
تجربة المنتجات قبل الترويج لها: مطلب ضروري أم رفاهية؟
أستاذ علم الاجتماع علي الشعباني أضاف بدوره قائلا في تصريح خص به موقع اعلام تيفي : “منذ ظهور الإنترنت واستخدامه بشكل مكثف، دخل عليه كل التجار، وأصبحت التجارة الإلكترونية بديلا عن التجارة التقليدية المباشرة، يسبقها عروض ودعايات. كثيرون ينساقون وراء البضاعة المعروضة، حيث لا ترتبط المسألة بالبضاعة نفسها بل بجاذبية المنهج الجديد، الذي يجد فيه المواطن نوعا من الابتكار”.
وأشار الشعباني إلى أن “المستهلك يظن نفسه قد انتقل من مستوى متوسط إلى مستوى أعلى”.
وأوضح الشعباني أن هذه الظاهرة لها “بعدين أساسيين: البعد التكنولوجي عن طريق وسيلة الإنترنت، والبعد الإقناعي، حيث يقنع المستهلك بهذا المنتج، خاصة بين الشباب والنساء الذين يقبلون عليها بكثرة. وأكد الباحث أن العنصرين هما أكثر اقتناعا بما هو جديد ويتبعون الموضة الحصرية.
في النهاية، أشار الشعباني إلى أن استماع المستهلك لترويج المؤثرين وعندما يصل المنتج، يكتشف أن المنتج يتنافى مع ما يروج له من دعاية وإعلانات، داعيا إلى رفع الثقة في الدعايات والمؤثرين من خلال ضمان معايير الجودة في المنتجات.