تردّي خدمات ما بعد البيع لوكالات السيارات الجديدة في المغرب

 

بشرى عطوشي

رغم التطور اللافت في سوق السيارات بالمغرب، والارتفاع المتزايد في الإقبال على اقتناء سيارات جديدة من وكالات رسمية، إلا أن عدداً كبيراً من الزبناء يجدون أنفسهم أمام واقع مختلف تماماً بعد إتمام عملية الشراء، حيث تتحول تجربة امتلاك سيارة إلى معاناة مستمرة بسبب رداءة خدمات ما بعد البيع.

العديد من الوكالات المعتمدة تكتفي بإتمام عملية البيع دون الالتزام الحقيقي بخدمة الزبون بعد ذلك، ما يكشف غياباً واضحاً لثقافة “الزبون شريك دائم”. ويتجلى هذا التردي في مظاهر متعددة، أبرزها التأخر المفرط في الحصول على قطع الغيار الأصلية، وارتفاع أسعارها بشكل غير مبرر، إلى جانب ضعف واضح في الكفاءة التقنية للعاملين داخل مراكز الصيانة، وهو ما يؤدي إلى إصلاحات سطحية أو مؤقتة لا تحل أصل المشكل.

ولا تقف الإشكالات عند هذا الحد، فالكثير من الزبائن يشتكون من ضعف التواصل مع مراكز الخدمة، وصعوبة في حجز المواعيد، إضافة إلى تجاهل تام في بعض الأحيان للشكاوى، أو تقديم أجوبة عامة دون حلول ملموسة. كما أن خدمات الضمان، التي يُفترض أن تمنح الزبون الطمأنينة بعد الشراء، تتحول أحياناً إلى مصدر إحباط حين ترفض بعض الوكالات تحمل المسؤولية تحت ذرائع تقنية أو بسبب ما يُسمى “سوء الاستعمال”.

تُطرح هنا علامات استفهام كبرى حول دور الجهات المعنية، إذ أن غياب الرقابة الصارمة وقلّة المساءلة تتيح المجال لتكرار هذه الممارسات دون رادع حقيقي. ورغم وجود قوانين حماية المستهلك، إلا أن فعاليتها تظل محدودة في هذا المجال، خاصة حين يتعلق الأمر بشركات كبرى تحتكر تمثيل علامات دولية في المغرب.

إضافة إلى ذلك، يفتقر السوق إلى المنافسة الحقيقية، خصوصاً في ما يتعلق ببعض العلامات التجارية التي لا يتوفر تمثيلها سوى عبر وكالة وحيدة، ما يجعل الزبون أمام خيار واحد لا بديل له، ويضعف من قدرته على المطالبة بخدمة في المستوى.

المؤسف أن هذا الواقع يدفع بعض المستهلكين إلى اللجوء إلى السوق الموازي أو مراكز صيانة غير معتمدة، مما يُعرّض سياراتهم وأموالهم للخطر، وهو خيار غالباً ما يُتخذ بدافع الضرورة لا القناعة.

أمام هذا الوضع، تبرز الحاجة الملحة إلى تدخل فوري لتقنين خدمات ما بعد البيع، بدءًا من فرض معايير دقيقة وملزمة على جميع الوكالات، وإنشاء آليات مستقلة لتقييم أدائها، وصولاً إلى تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك وتكريس ثقافة الشفافية والمحاسبة.

تجربة اقتناء سيارة جديدة يجب أن تكون مصدراً للراحة والثقة، لا نقطة انطلاق لمسلسل من المشاكل والإهمال. الزبون المغربي يستحق خدمات تحترم اختياره، وتحمي استثماره، وتضع مصلحته في صلب العلاقة بينه وبين الوكيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى