تصدعات وسط التجمعيين بالعاصمة..صراعات تهدر مزيدا من الزمن السياسي
إيمان أوكريش: صحافية متدربة
يبدو أن حزب التجمع الوطني للأحرار يشهد تشققات داخلية، وصراعات محتدمة، بدءا باستقالة أسماء أغلالو، عمدة الرباط سابقا من منصبها في 28 من فبراير السنة الماضية، مرورا باستقالة سعيد التونارتي، رئيس فريق الحزب بالمجلس الجماعي للرباط، وصولا إلى إقالة إدريس الرازي، رئيس مجلس مقاطعة حسان اليوم 08 يناير.
إقالة الرازي “خطوة مدعمة”
تمت اليوم الأربعاء 08 يناير 2025، إقالة إدريس الرازي، رئيس مقاطعة حسان، والمنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار. وجاء هذا القرار بعد تصويت 32 عضوًا خلال الاجتماع الثاني للدورة العادية لشهر يناير 2025، في حين امتنع فريق فيدرالية اليسار عن التصويت.
واعتبر إدريس الرازي أن هذه الإقالة مدعمة من جهات تسعى إلى التشويش على الديمقراطية داخل الجماعة، وكشف في تصريحات سابقة أن الإجراء له علاقة برئيسة المجلس الجماعي السابقة وزوجها، مشيرًا إلى أن جمع 31 توقيعًا من أعضاء ينتمون إلى أحزاب العدالة والتنمية والاستقلال والأصالة والمعاصرة، رغم أنه ليس على خلاف شخصي مع الموقعين.
أسباب مطالب البعض باستقالته تتعلق بعدم تقديم بعض الوثائق، إلا أن الرازي يؤكد أنه سلمها شخصيًا لرئيسة المجلس الجماعي، مشيرًا إلى أنها هي الجهة الوحيدة التي لها حق محاسبته ومراقبته، وليس مستشاري مقاطعة حسان.
كما ألمح الرازي إلى تعرض بعض المستشارين لإغراءات، رغم علاقاته الطيبة معهم. ويذكر أن الرازي كان من أبرز المعارضين لاستمرار أسماء أغلالو في رئاسة جماعة الرباط.
وقد حضرت أسماء أغلالو، عمدة مدينة الرباط سابقا، التي غابت عن دورات المجلس السابقة، الدورة التي انعقدت في يناير 2025، للتوقيع على ملتمس إقالة رئيس المقاطعة إدريس الرازي.
وكان رئيس مقاطعة حسان، إدريس الرازي، قد أرسل مراسلة إلى والي جهة الرباط سلا القنيطرة وعامل عمالة الرباط، من خلالها أعلن عن عقد دورة المجلس العادية لشهر يناير 2025، وفقًا لأحكام المادة 38 من القانون التنظيمي 113.14 الخاص بالجماعات، والتي حددت موعدًا لذلك الخميس 2 يناير 2025.
ووقعت على الملتمس عدة أسماء، على غرار هشام أقمحي، نائب عمدة الرباط عن حزب التجمع الوطني للأحرار، وأسماء أغلالو، العمدة السابقة، بالإضافة إلى أنس الدحموني، مستشار حزب العدالة والتنمية.
التونارتي… استقالة ودعوى
قدم سعيد التونارتي، مستشار بمجلس مدينة الرباط ورئيس فريق التجمع الوطني للأحرار سابق، استقالته هذا الأسبوع من منصبه كرئيس للفريق. وحسب مصادر، فإن الاستقالة جاءت نتيجة للتراكمات التي شهدها حزب التجمع الوطني للأحرار في الرباط، خاصة بعد الحملة الانتخابية للانتخابات الجزئية التي جرت بدائرة المحيط في شتنبر الماضي.
وكان ترشح نجل التونارتي للانتخابات المذكورة عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سببًا رئيسا في غضب قيادات الحزب، حيث تم إعفاؤه من منصبه كنائب أول لرئيس مقاطعة يعقوب المنصور، مما أجج من غضب التونارتي، الذي قرر بعد ذلك الانسحاب من رئاسة مستشاري الحزب بالمجلس الجماعي للعاصمة.
كما ساهمت الانتخابات الجزئية لدائرة المحيط، التي أطلق عليها البعض “دائرة الموت” بالعاصمة، في تصدع العلاقة بين التونارتي وسعد بنمبارك، الأمين الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار في الرباط، بعد أن اقترح الأول اسمه للترشح لهذه الدائرة، لكن الحزب اختار بنمبارك. وفي النهاية، استطاع بنمبارك استعادة المقعد لصالح الحزب في تلك الانتخابات.
وقد شهدت دائرة المحيط تنافسًا شديدًا بين ياسين التونارتي عن الاتحاد الاشتراكي، وسعد بنمبارك عن التجمع الوطني للأحرار، إلى مرشحين آخرين من حزب العدالة والتنمية وحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي.
وفي النهاية، فاز بنمبارك بنسبة 46.42% من الأصوات، بينما حل ياسين التونارتي في المرتبة الثانية بنسبة 29.67%، تلاه حزب العدالة والتنمية في المرتبة الثالثة بـ 15%، وحزب فدرالية اليسار الديمقراطي في المرتبة الرابعة بـ 8.42%.
يذكر أن هذه الانتخابات جاءت بعد قرار المحكمة الدستورية تجريد عبد الرحيم واسلم عن حزب التجمع الوطني للأحرار من مقعده في مجلس النواب عن دائرة الرباط المحيط، مما استدعى إجراء الانتخابات الجزئية لشغل المقعد الشاغر، وفقًا للقانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
وفي سياق مواز، أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط قرارًا باستدعاء عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، كما منحت البرلمانية التجمعية ياسمين لمغور مهلة، في إطار القضية التي رفعها المستشار الجماعي سعيد التونارتي. حيث تم تأجيل الجلسة إلى 11 فبراير 2025 لاستكمال النظر في القضية.
وأكد إسحاق شارية، دفاع المشتكي سعيد التونارتي في تصريح لـ”إعلام تيفي” أن البرلمانية ياسمين لمغور تغيبت عن الجلسة للمرة الثانية، وأرجعت غيابها إلى امتحانات جامعية.
أما عزيز أخنوش، فلم يحضر أيضًا باعتباره الممثل القانوني للحزب، بسبب عدم توصلِه بالاستدعاء، مما دفع المحكمة لإصدار أمر بإعادة التبليغ، مشددا على “ضرورة حضور أخنوش، لأنه يتحمل المسؤولية الكاملة، ولا أحد فوق القانون”.
وتعود تفاصيل القضية إلى دعوى رفعها التونارتي في 30 أكتوبر الماضي، يتهم فيها زميلته في الحزب، النائبة البرلمانية ياسمين لمغور، بالسب والقذف ونشر ادعاءات كاذبة والتحريض، حيث يرتكز التونارتي على تصريحات مسجلة في فيديو للنائبة، وهي تتهمه بـ “النصب” و”السرطان”.
وتأتي هذه الاتهامات على خلفية الحملة الانتخابية لسعد بنمبارك، الذي فاز بمقعد دائرة المحيط في الانتخابات الجزئية التي جرت في 12 شتنبر 2024.
أغلالو و”استقالتها”
أوضحت أسماء أغلالو، رئيسة مجلس مدينة الرباط سابقا، لمنابر إعلامية في سياق استقالتها، قرارها نتيجة لـ “عدم توفر مناخ العمل”، حيث تصاعدت، آنذاك، الاحتجاجات ضدها من طرف عدد من الأعضاء داخل المجلس، سواء من الأغلبية أو المعارضة، خاصة بعد الاستفسار الذي وجهه إليها والي جهة الرباط سلا القنيطرة بشأن صرفها لمبلغ يقارب 10 ملايين درهم من أجل دعم صندوق ضحايا زلزال الحوز دون استشارة المجلس.
كما كانت أغلالو قد فشلت في الرد على طلب عقد دورة استثنائية، وهو الطلب الذي تقدم به عدد من المستشارين من الأغلبية والمعارضة، وكانت تتضمن نقاطًا حساسة، مثل ملف الموظفين “الأشباح” وحصيلة الشباك الوحيد وتقييم شركة الرباط باركينغ، التي يديرها زوجها.
ووفقا للعديد من المصادر، فقد كانت العلاقات بين العمدة وأعضاء المجلس متوترة نتيجة لأسلوبها الانفرادي في اتخاذ القرارات والتعامل بعجرفة مع المستشارين والموظفين، وهو ما دفع العديد منهم للتنسيق من أجل الإطاحة بها.