تعدد المتدخلين وضعف ميزانيات المشاريع تقف حجر عثرة أمام تقدم المدن الهامشية

زكرياء الروضي : صحافي متدرب
نبه الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش المجيد بتاريخ 29 يوليوز 2018 لأهمية ورش اللاتمركز الإداري، وهذا ما جاء في دستور 2011 والذي بوء الجهة مستوى الصدارة في العلاقة بين مختلف الفاعلين المحليين وجعلها فضاء للحوار والتشاور لإعداد برامج التنمية وتتبعها.
وفي خضم التوزيع اللامتكافئ للموارد والاستثمارات العمومية تستمر اتساع فجوة التنمية بين المجالات الترابية، وهذا يعزز استمرار سياسة التمركز وإجهاض الجهوية المتقدمة الذي تعمل الدولة على تذويبها أو تقليصها بين الجهات والأقاليم.
الجهوية المتقدمة عنوان براق وأفق مجهول
في هذا الصدد تواصل طاقم “ إعلام تيفي ” مع عبد الحليم علاوي عن حزب العدالة والتنمية، عضو جماعة وزان حاليا، ورئيس جماعة وزان وبرلماني سابقا. ليحدثنا عن العقبات التي تعترض الجهوية المتقدمة وأسباب تعثر المشاريع باستمرار في المدن الهامشية.
وأشار عبد الحليم إلى أن العقبات التي تحول دون تطبيق الجهوية المتقدمة تكمن في ست عقبات، أولها غياب الإرادة السياسية لدى الفاعلين مركزيا في تسريع وتنزيل وإخراج ورش الجهوية المتقدمة، تعثر إخراج الميثاق الوطني للامركزية الإدارية. عدم القدرة وضعف النخب الجهوية على بلورة برامج ومشاريع تحقق التنمية المندمجة والمستدامة، ضعف الإمكانات المالية المرصودة للجهة (10 مليار درهم) والمخصصة لبرامج التنمية الجهوية، تداخل الاختصاصات بين الفاعلين الجهويين (الوالي، رئيس الجهة، المصالح اللاممركزة، المراكز الجهوية للاستثمار) وضرورة تدقيقها، ضرورة إعادة النظر في التخطيط والبرمجة من خلال اعتماد المقاربة الترابية بدل المقاربة القطاعية.
المدن الهامشية واللامركزية تردي واتساع الهوة باستمرار
وتبقى المدن الهامشية واللامركزية من بين أكبر التحديات التي تواجهها المملكة، بعد كل المشاريع والبرامج والدراسات المرصودة لها، إلا أنها تعرف ترديا مستمرا يتفاقم يوما بعد يوم مما سيزيد من صعوبة الإصلاح ورتق الفجوة بينها وبين مدن المركز، وفي هذا أضاف رئيس جماعة وزان سابقا بأن من بين أسباب تعطل المشاريع في المدن الهامشية رغم المصادقة عليها تعد كالتالي:
ضعف التخطيط والدراسات أثناء وضع البرامج والمشاريع. تعدد المتدخلين وضعف الميزانيات المرصودة لأغلب المشاريع. غياب الحكامة الترابية وآلية التدبير الترابي الناجع والمندمج. ضعف آلية الرقابة والتتبع والتقييم ونجاعة أداء لأغلب المشاريع. ضعف آلية المحاسبة وربط المسؤولين بالمحاسبة.
وعن أفق العدالة المجالية في أفق جهوية متقدمة سألنا عبد الحليم كيف يرى مستقبل الجهوية وأعطى نمودج للمدن الصغرى في جهة الشمال، فوقف عند عدة تحديات أهمها:
تحدي الخصاص المهول في كل مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية يَحُدُ من تحقيق العدالة المجالية غياب الإطار القانوني الملزم أثناء وضع البرامج والمشاريع لتحقيق العدالة المجالية. هيمنة الحواضر والمدن الكبرى (طنجة تطوان) على الميزانيات المرصودة جهويا وقطاعيا مقابل تهميش المدن الصغرى بالإقليم.
وأعطى رئيس جماعة وزان سابقا ملاحظات حول تكريس التفاوتات المجالية وغياب العدالة المجالية على مستوى عقد البرنامج الجهوي بالنسبة لإقليم وزان كنموذج من المدن الصغرى.
وقال بأن مشروع تثنية الطريق الوطنية رقم 13 بين وزان وشفشاون تأخر كثيرا والبرمجة التي تمت في مشروع عقد إلزامي نتحدث عن الدراسة في أفق 2027 بالمقابل يتم برمجة مشاريع طرقية بالجهة.
ويضيف المتحدث ، تضمن عقد البرنامج دعم قطاع الفخار ضمن مجال الصناعة التقليدية وأغفل قطاع الدرازة المعروف بالجلابة الوزانية.
تمت برمجة إحداث متاحف بالجهة وتم إقصاء مدينة وزان كمدينة تاريخية وتراثية ومن أسس إقلاعها دعم القطاع السياحي. تم إغفال تثمين المشروع الفلاحي للري بأسجن بمشاريع مواكبة.
تعثر مشروع اخراج النواة الجامعية بعد قطعه مراحل توفير العقار على مساحة 8 هكتار وتوفير التمويل في إطار اتفاقية شراكة والحصول على الترخيص من الجماعة.
تم إغفال تثمين قطاع الزيتون والمواد المشتقة منه، واختتم عبد الحليم أن كل هذه الأشياء نماذج لضعف التصور والتخطيط وتحديد البرامج المنتجة وكذلك غياب العدالة المجالية.
كل ما سبق يوحي بأن المغرب يحتاج إلى تفعيل حقيقي لكل هذه المفاهيم الرنانة والتي بقيت حبيست الملفات والأوراق، وشعارات تطلق عند كل محفل أو مناسبة لدغدغة مشاعر المواطنين وإغماسهم في أمل لن يكون دون خطة فعالة وإرادة حقيقية لتغيير الوضع، فبحسب المندوبية السامية للتخطيط “يتطلب تقليص التفاوت المجالي بمعدل النصف إلى حوالي ربع قرن من العمل المتواصل” وهذا يعني أننا نلعب في الوقت البدل الضائع.