تقرير يكشف تحديات تعيق إنجاح مشروع “المدارس الريادة” بالمغرب

إيمان أوكريش/ تقارير

كشف تقرير حديث صادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي عن جملة من التحديات التي تعيق توسيع مشروع “المدارس الرائدة” على المستوى الوطني.

وأحد أبرز العراقيل التي أشار إليها التقرير يتمثل في النقص الحاد في التأطير التربوي، إذ يواجه المشروع صعوبة في توفير العدد الكافي من المفتشين، خاصة في المناطق القروية، حيث يتطلب نجاحه زيارات منتظمة من قبل المفتشين لمواكبة العملية التعليمية، إلا أن قلة الأطر التربوية المتخصصة تجعل من تحقيق هذا الهدف أمرا صعبا.

إلى جانب ذلك، تعاني المؤسسات التعليمية، خصوصا في المناطق النائية، من نقص حاد في البنيات التحتية والموارد الأساسية مثل الكهرباء، والإنترنت، والفضاءات الملائمة للتعلم، بحيث تحد هذه العوامل من قدرة المدارس على تبني الابتكارات التربوية التي يسعى المشروع إلى تعزيزها، مما يزيد من الفجوة التعليمية بين الوسطين الحضري والقروي.

وأبرز التقرير أيضا أن اختيار المدارس التي شملتها المرحلة التجريبية استند إلى مبدأ التطوع، وهو ما أدى إلى استبعاد عدد من المؤسسات التي تعاني من إكراهات اجتماعية واقتصادية حادة.

وهذا الوضع يطرح إشكالية تمثيلية النتائج المحققة في المرحلة التجريبية، ويثير تساؤلات حول مدى إمكانية تعميم المشروع على نطاق أوسع ليشمل المؤسسات التي تواجه أكبر التحديات.

وعلى المستوى البيداغوجي، انتقد تركيز النموذج التعليمي المعتمد في المشروع على تعزيز التحكم في المعارف الأساسية، مع إغفال تطوير مهارات أخرى محورية مثل الابتكار، والإبداع، والتفكير النقدي، وهي كفايات رئيسية وردت ضمن الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030.

ويرى التقرير أن هذا التوجه الضيق قد يحد من قدرة المشروع على إحداث تغيير جوهري في المنظومة التعليمية.

كما أشار إلى أن توحيد المناهج الدراسية وهيكلتها الصارمة، رغم أنها تهدف إلى تحقيق الانسجام في نقل المعارف، إلا أنها تحدّ من المرونة المطلوبة لمواكبة احتياجات التلاميذ، خاصة ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأحد التحديات الكبرى التي تعترض المشروع، وفق التقرير، هو محدودية الاستقلالية المالية للمؤسسات التعليمية، إذ تواجه المدارس صعوبات في التدبير المالي بسبب ضعف تكوين الأطر الإدارية في هذا المجال، مما قد يؤثر سلبا على حسن استغلال الموارد المالية المتاحة.

إلى جانب ذلك، لا يزال تنفيذ المشروع يتم وفق مقاربة مركزية إلى حد كبير، ما يقلل من قدرة الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية على تكييف الممارسات التربوية مع خصوصيات كل منطقة، مما قد يعرقل الاستفادة المثلى من الموارد، ويحد من قدرة المؤسسات على تلبية احتياجات التلاميذ بشكل فعال.

ورغم التقدم الذي أحرزه المشروع، شدد التقرير على ضرورة تجاوز العقبات البنيوية والمنهجية التي تحول دون توسيع نطاقه وضمان نجاحه على المدى الطويل. ولتحقيق ذلك، أوصى التقرير بضرورة تعزيز الموارد البشرية والمادية، وتحسين حكامة القطاع التربوي، مع ضمان مشاركة فعلية لمختلف الفاعلين التربويين والمجتمع المحلي في إنجاح المشروع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى