تقرير يكشف كواليس تعديل مشروع قانون المفوضين القضائيين وصياغته النهائية

فاطمة الزهراء ايت ناصر

أُحيل مشروع قانون رقم 46.21 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين على البرلمان في إطار سعي وزارة العدل إلى إصلاح شامل لمهنة تلعب دوراً محورياً في منظومة العدالة، لاسيما في ما يتعلق بالتبليغ وتنفيذ الأحكام القضائية.

ويأتي هذا المشروع ليعوض القانون رقم 03.81 الذي أصبح، حسب الجهات الحكومية، غير كافٍ لمواكبة التحولات التي تعرفها العدالة المغربية. وقد تضمن النص المحال جملة من المقتضيات الجديدة، من أبرزها إحداث هيئة وطنية للمفوضين القضائيين، وتحيين شروط ولوج المهنة، وتكريس مبادئ الاستقلالية والمسؤولية المهنية، إلى جانب إدراج مقتضيات تأديبية وتنظيم العلاقة مع المرتفقين والمؤسسات القضائية.

وعرف المشروع تفاعلاً كبيراً من طرف الفرق والمجموعات البرلمانية، حيث قُدمت مجموعة من التعديلات التي عكست تنوع الرؤى والتقديرات بشأن تنظيم المهنة.

وقدمت فرق الأغلبية والمعارضة مجتمعة 31 تعديلاً، توزعت بين تعديلات تقنية تتعلق بتحسين الصياغة، وأخرى جوهرية تعكس ملاحظات مهنية وتشريعية، مثل مراجعة شروط التكوين والتكوين المستمر، وتقوية ضمانات التأديب، وتوسيع التمثيلية داخل الهيئة الوطنية، إلى جانب الدعوة إلى حذف بعض المواد التي رأت فيها تكراراً أو غموضاً أو مساساً باستقلالية المهنة. وشهدت المناقشة في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان نوعاً من التوافق على عدد من المقترحات، بينما تم سحب أو رفض البعض الآخر.

واعتمدت اللجنة النص معدلاً بعد قبول عدد من التعديلات التي مست مواد أساسية مثل المادة 8 المتعلقة بشروط المزاولة، والمادة 10 المرتبطة بالتكوين، والمادة 12 الخاصة بالهيئة الوطنية، والمادة 25 المتعلقة بالجزاءات التأديبية.

وجاءت الصيغة المعتمدة في اللجنة في اتجاه التوازن بين مقتضيات التأهيل المهني وحماية الحقوق وضمان الاستقلالية. كما أن التعديلات المقبولة عكست إرادة مشتركة لتحسين جودة النص وضمان قابليته للتنزيل العملي، دون المساس بالمبادئ الأساسية التي سعت الحكومة إلى تكريسها من خلال المشروع.

في المجمل، يمثل مشروع قانون رقم 46.21 خطوة مهمة نحو تحديث مهنة المفوضين القضائيين وتأطيرها وفق معايير أكثر مهنية وشفافية، مستجيبة لمتطلبات العدالة الناجعة والتقاضي الفعّال. كما أن التفاعل البرلماني مع مضامينه، خصوصاً من خلال التعديلات المقدمة والمقبولة، يؤشر على وعي تشريعي بأهمية ضبط التوازن بين مقتضيات التنظيم القانوني ومتطلبات الواقع المهني، وهو ما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على أداء المفوضين القضائيين وعلى جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وصادق مجلس المستشارين في جلسة تشريعية عقدها امس الثلاثاء، بالأغلبية، على مشروع قانون رقم 46.21 المتعلق بمهنة المفوضين القضائيين. وحظي مشروع القانون بتأييد 32 مستشارا يا فيما امتنع مستشار واحد عن التصويت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى