تمثيل نسائي بلا تأثير.. والهاكا تطلق جرس الإنذار

نجوى القاسمي
رغم الخطاب المتنامي حول النهوض بوضعية المرأة وتعزيز حضورها في المشهد الإعلامي، يكشف تقرير حديث للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) عن استمرار ضعف تمثيل النساء في وسائل الإعلام المغربية، خاصة في نشرات الأخبار، حيث يهيمن الحضور الذكوري بشكل لافت.
التقرير، المنجز في إطار مشاركة “الهاكا” في المشروع العالمي لرصد الإعلام، شمل رصدا دقيقا لمحتوى النشرات الإخبارية في التلفزيون، الإذاعة، والصحافة الإلكترونية المغربية خلال يوم نموذجي (11 يوليوز 2020). النتائج جاءت صادمة: 22% فقط من الحضور في البرامج التلفزية والإذاعية كان للنساء، مقابل 78% للرجال
أما في مواقع الخبرة والتحليل، فالوضع يبدو أكثر تهميشًا، حيث لم يتعدّ تمثيل النساء نسبة 15%، ما يُظهر استبعادا منهجيا لهن كصانعات للرأي العام أو كمرجعيات معرفية. التقرير أشار إلى أن النساء يُستدعَين غالبًا كممثلات لمواقف فردية أو كضحايا، بدلًا من اعتبارهن فاعلات أساسيات أو صاحبات قرار.
وترى “الهاكا” أن هذا الخلل لا يُعزى فقط إلى الأرقام، بل إلى أنماط التمثيل الإعلامي نفسها، التي ما زالت تؤطر النساء في أدوار نمطية: كالأم، والزوجة، والضحية، مقابل تقديم الرجال في صور الخبير، المسؤول، أو الفاعل المجتمعي. الأمر الذي يكشف عن تحيز بنيوي في انتقاء المصادر وتناول المواضيع، بعيدًا عن أي حياد صحفي حقيقي.
وقد أبرزت ورشة نظمتها الهيئة بتاريخ 29 أبريل 2025، استمرار السرديات الإعلامية التقليدية في إعادة إنتاج التمييز تجاه النساء، رغم وجود نساء مؤهلات علميا ومهنيا. ومع ذلك، ما تزال الأبواب موصدة أمامهن في مواقع التحليل والخبرة، حيث يستمر الاعتماد المفرط على الأصوات الذكورية.
التقرير لم يغفل الإشارة إلى بعض التقدم الذي أحرزه الإعلام المغربي على مستوى تنوع المضامين، لكنه اعتبر أن مقاربة النوع الاجتماعي تظل سطحية وغير مفعّلة، مشددا على أن تحقيق عدالة إعلامية يتطلب إصلاحا جذريا في منح فرص التعبير، واتخاذ القرار، وصناعة التغيير.
وختمت “الهاكا” تقريرها بالتأكيد على أن التغيير لا يحدث فجأة، لكنه يبدأ من داخل غرف التحرير، مشددة على أن الرهان يتجاوز البعد النسوي ليصل إلى عمق المشروع الديمقراطي المغربي.