
حسين العياشي
على الرغم من مرور أكثر من عام على بدء عملية نقل مستخدمي المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى الشركات الجهوية متعددة الخدمات، إلا أن هذا الملف لا يزال يبرز بين الحين والآخر، كاشفاً عن اختلالات لم تتمكن المرحلة الانتقالية من معالجتها أو تهدئتها. ففي جهة بني ملال خنيفرة، يستمر التوتر في القطاع المائي، حيث اشتعلت من جديد موجة من الاحتجاجات والمشاكل، التي تعيد إلى الأذهان السيناريوهات السابقة التي نشبت في جهات أخرى منذ نهاية عام 2024.
المصادر المهنية داخل القطاع تؤكد أن العديد من الأعوان الذين تم نقلهم “قسراً” إلى الشركات الجهوية، وجدوا أنفسهم في أوضاع مهنية غير مستقرة. فبعضهم تعرض لتغيير مهامهم دون أي تمهيد أو تنسيق مسبق، بينما آخرون لاحظوا غياب معايير واضحة وشفافة في اختيار قائمة المنقولين. هذا الارتباك، الذي ظهر بوضوح خلال مرحلة الانتقال، كان قد أثار في وقت سابق موجة تنديد واسعة على المستوى الوطني، حيث نبهت النقابات إلى تجاوزات تتعلق بتوقيت الإشعارات، واختلافات في المنح والتعويضات، فضلاً عن عدم احترام المعايير المتفق عليها في لقاء 12 سبتمبر 2024.
ومع تصاعد حدة الاحتقان في الجهة، أصدر المكتب الجهوي للإنتاج التابع للنقابة الوطنية للمستخدمين تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بياناً استنكارياً شديد اللهجة، اتهم فيه الإدارة بـ”العشوائية والزبونية والمحسوبية الفاضحة” التي رافقت عملية النقل في الجهة. البيان أشار أيضاً إلى ما وصفه بـ”الممارسات التضييقية” التي يتعرض لها الأعوان العاملون في المديرية الإقليمية ببني ملال، حيث تم الزج بهم في صراعات غير مهنية تتعلق بمقرات العمل، مما تسبب في خلق حالة من التوتر تهدد الاستقرار الاجتماعي في المؤسستين.
وفي الوقت الذي قدم فيه الأعوان المنقولون تضحيات كبيرة لسنوات لضمان استمرارية المرفق الحيوي، دعا المكتب الجهوي إلى ضرورة إدماجهم بشكل إنساني يأخذ بعين الاعتبار كفاءاتهم ووضعهم الاجتماعي. كما طالب بتفعيل بنود الاتفاقية الإطار التي تضمن حقوقهم كاملة، وفتح تحقيق جاد في الخروقات التي شابت عملية النقل، مع تحديد المسؤوليات بوضوح. ووجه المكتب تحذيراً من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على استمرار ما سماه “العبث في تدبير المرحلة الانتقالية”.
هذه التطورات تأتي في وقت حساس، حيث سبق للتنسيق النقابي الثلاثي أن ندد، في عام 2024، بتجاوزات مشابهة في مناطق سوس ماسة ومراكش آسفي والدار البيضاء سطات، والتي شملت التلاعب بلوائح المنقولين وخرق قرار المدير العام القاضي بعدم نقل أعوان الإنتاج أو أولئك الذين يشغلون مهام مشتركة. كما تم تسجيل تراجع ملحوظ في الخدمات الاجتماعية، وتعثر صرف الأجور، فضلاً عن تعليق الاستفادة من القروض والتسبيقات.
اليوم، ومع استمرار نفس المشكلات في جهة بني ملال خنيفرة، تصاعدت الأصوات المطالبة برد فعل مؤسساتي واضح يعيد الثقة في مسار الإصلاح، ويضع حداً للفوضى التي تواصل ملامسة شؤون الموظفين والمستفيدين من هذا التحول الهام.





