“جرح قديم”.. دراما تسلط الضوء على استغلال الأطفال الزوهريين في الشعوذة واستخراج الكنوز

فاطمة الزهراء ايت ناصر
يطرح المسلسل المغربي “جرح قديم”، الذي يُعرض خلال موسم رمضان الحالي على القناة الأولى، قضية استغلال الأطفال الزوهريين في أعمال السحر والشعوذة، وهي ظاهرة صدمت الرأي العام المغربي في السنوات الأخيرة بسبب وقائع اختطاف وقتل أطفال أبرياء بزعم امتلاكهم صفات خاصة تساعد في استخراج الكنوز.
ويعرض المسلسل، في حلقاته الأولى، شخصية الباتول (زهيرة صادق)، التي تجوب الحدائق بحثًا عن الأطفال الزوهريين لاستخدامهم في طقوس غامضة يعتقد البعض أنها تساعد على الوصول إلى الكنوز المدفونة.
وتعكس هذه القصة ممارسات شعوذة حقيقية تفجرت في المغرب خلال السنوات الأخيرة، حيث شهدت البلاد جرائم مروعة كان ضحاياها أطفال اختطفوا أو تعرضوا للقتل من قبل مشعوذين يبحثون عن “الأسرار المدفونة”.
ولم يكن طرح هذه القضية في مسلسل درامي مجرد خيال، فقد شهد المغرب عدة حوادث مأساوية راح ضحيتها أطفال أبرياء بسبب المعتقدات الخرافية حول الأطفال الزوهريين.
ومن بين أبرز هذه القضايا، جريمة مقتل الطفلة “نعيمة” بضواحي زاكورة موضوع نبش الكنوز إلى الواجهة باستعمال “وصفات سحرية”، بعدما تم إلقاء القبض على المشتبه فيه بارتكاب الجريمة، لا سيما أن المعني يمتهن البحث عن الكنوز، وأيضًا قضايا أخرى مرتبطة باختفاء أطفال في ظروف غامضة في مدن مثل مراكش وتارودانت، حيث أثيرت شبهات حول ارتباطها بأعمال الشعوذة واستخراج الكنوز.
الاعتقاد بوجود “الأطفال الزوهريين” في بعض الأوساط المغربية جعل هذه الفئة من الأطفال عرضة للاستغلال من قبل المشعوذين والسحرة، الذين يعتقدون أن دمهم أو ملامحهم الخاصة تفتح لهم أبواب العالم الخفي. وتداولت الصحافة الوطنية قصصًا لاختطاف أطفال لم يظهر لهم أثر، مما زاد من حالة الذعر حول هذه الظاهرة.
إلى جانب معالجة قضية الأطفال الزوهريين، يتطرق مسلسل “جرح قديم” إلى مظاهر أخرى من الشعوذة، مثل “التوكّال”، وهي ممارسة تتعلق بوضع مواد سحرية في طعام أو شراب شخص ما للتأثير عليه. وتجسد ماجدولين الإدريسي دور شخصية حورية، التي تقع ضحية لهذه الممارسة، مما يُظهر أبعاد الشعوذة في المجتمع المغربي.
ويُطلق مصطلح “الزُّهري” في أوساط عصابات البحث عن الكنوز على الطفل الذي يحمل علامات جسدية مميزة، مثل خط متصل يعبر راحة يده بشكل عرضي، وآخر يمتد طوليًا على لسانه، بشرط ألا يتجاوز عمره العاشرة.
ويُعتقد أن هذا الطفل يمتلك قدرات استثنائية تميزه عن غيره، مما يجعله أداة ثمينة في عمليات الكشف عن الكنوز المدفونة تحت الأرض.
وبعد الانتهاء من الطقوس الغامضة التي يمارسها الخاطفون، يلقى هؤلاء الأطفال مصيرًا مأساويًا، إذ يُقتلون لإخفاء أي دليل على الجريمة، أو في حالات نادرة يُعادون إلى منازلهم، وإن كان هذا الاحتمال ضعيفًا. كما قد يتم بيعهم لعصابات أخرى متخصصة في التنقيب عن الكنوز.
ويعالج العمل قضايا اجتماعية أخرى مثل العنف ضد الرجال، من خلال شخصية منال (سحر الصديقي)، التي تمارس العنف الجسدي والنفسي على زوجها، وكذلك مخاطر إدمان المراهقين على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر قصة ابنة حورية التي تنجرف إلى ممارسات خطيرة بسبب تعلقها بهاتفها.
وتدور القصة الرئيسية حول شخصية “طام” (نادية آيت)، التي تعود إلى المغرب بعد عشرين سنة من الغياب بدافع الانتقام، بعدما تعرضت لمحاولة قتل وهي طفلة بسبب قدراتها الخارقة التي كانت تعيق أعمال الشعوذة التي تقوم بها عمتها الباتول. لكنها سرعان ما تكتشف أن طريق الانتقام لا يجلب السعادة، بل يزيد من معاناتها النفسية.
المسلسل من إخراج مراد الخودي، الذي يجدد تعاونه مع زوجته نادية آيت في دور البطولة، ويضم في بطولته عزيز داداس، ماجدولين الإدريسي، عادل أبا تراب، زهيرة صادق، وراوية وغيرهم.