حرائق الواحات ومعاناة الفلاحين في زاكورة.. بين الوعود الحكومية وواقع الإهمال

فاطمة الزهراء ايت ناصر

في وقت تعاني فيه واحات المملكة من دمار شامل  بسبب التغيرات المناخية، أكدت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أنها تبذل جهودًا متواصلة لتعزيز صمود القطاع الفلاحي بإقليم زاكورة، في ظل التحديات المناخية الحادة التي تشهدها المنطقة، خاصة نضوب المياه وتكرار سنوات الجفاف.

وأوضح الوزير أحمد البواري، في رد مكتوب موجّه إلى النائبة البرلمانية فاطمة ياسين، أن هذه الجهود تندرج في إطار تنزيل استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″، التي تروم دعم الفلاحين وتحقيق الأمن المائي والغذائي في المناطق الهشة.

وكشف الوزير أن المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لورزازات خصص غلافًا ماليًا قدره 391,1 مليون درهم للفترة 2023-2025، لتنفيذ مجموعة من البرامج الميدانية التي تستهدف تقوية البنيات الفلاحية وتحسين العرض المائي بالإقليم.

وتشمل هذه البرامج؛ تهيئة شبكات الري من خلال  تأهيل شبكة الري الكبير على طول 66 كيلومترًا، واستصلاح السواقي والخطارات في دوائر الري الصغير والمتوسط على طول 130 كيلومترًا.

تعزيز الموارد المائية: إنجاز وتجهيز ثقوب وآبار بالطاقة الشمسية، حيث تمت برمجة إنجاز 6 أثقاب جديدة خلال سنة 2025 وتجهيز 22 بئرًا.

حماية الواحات من الحرائق من خلال تنظيف أعشاش النخيل، تهيئة المسالك، وتوزيع الفسائل.

ودعم تغذية الفرشاة المائية عبر اتفاقية مع مختلف المتدخلين لإنجاز 50 عتبة للتطعيم الاصطناعي في أحواض درعة والمعيدر، بلغت نسبة الإنجاز منها 52%.

إصلاح الأضرار الناتجة عن الفيضانات ببرمجة بناء 11 عتبة، و7 سدود تحويلية، إلى جانب إصلاح منشآت الري المتضررة.

ومحاربة العزلة حيت انطلقت أشغال تهيئة 16 كيلومترًا من المسالك والمنشآت الفنية لفك العزلة عن المناطق القروية.

وتوزيع الأعلاف المدعمة تم توزيع 90 ألف قنطار من الشعير المدعم خلال سنتي 2024 و2025.

وأوضح المسؤول الحكومي أن هذه التدخلات ساهمت في توسيع المساحات الفلاحية المجهزة بالري الموضعي بالتنقيط، التي بلغت 23.332 هكتارًا يستفيد منها نحو 4.719 فلاحًا، بدعم مالي من الدولة قدره 1,21 مليار درهم في إطار صندوق التنمية الفلاحية.

وأشار الوزير إلى أن الوزارة ستواصل هذه البرامج ضمن استراتيجية الجيل الأخضر، مع برمجة مشاريع جديدة تهدف إلى تثبيت الساكنة القروية وتحسين ظروف عيشها، مؤكدًا على أهمية الحفاظ على الموروث الواحي وحمايته من التدهور البيئي والمائي.

وتأتي هذه المعطيات في سياق تزايد النداءات من ممثلي الساكنة بزاكورة، الذين طالبوا الحكومة بتدخلات ملموسة وعاجلة لإنقاذ الواحات، ودعم الفلاحين الصغار الذين يواجهون تحديات متعددة بسبب التغيرات المناخية ونقص المياه.

ورغم ما أكدته الوزارة من برامج ومشاريع لحماية واحات زاكورة، فإن الواقع الميداني يكشف عن صورة مغايرة يعيشها الفلاحون بشكل يومي.

فكل سنة، تشهد الواحات حرائق متكررة تأتي على أعداد كبيرة من أشجار النخيل، دون أن تجد تدخلات فعالة وسريعة للحد من هذه الكوارث البيئية.

ويُجمع عدد من الفلاحين وممثلي المجتمع المدني بالمنطقة على أن الجهود المبذولة تبقى محدودة وغير كافية، بالنظر إلى اتساع رقعة المتضررين وضعف الإمكانيات المحلية للتدخل.

فالفلاح الصغير، الذي يُعد العمود الفقري للمنظومة الواحية، ما زال يواجه مصاعب جمّة في الحصول على مياه الري، ويتكبد خسائر موسمية متكررة، دون تعويضات حقيقية أو دعم مادي مباشر يعيد له الحد الأدنى من التوازن الاقتصادي والاجتماعي.

وهو ما يطرح علامات استفهام حول فعالية البرامج المعلنة، وحول قدرة السياسات العمومية الحالية على الاستجابة الفعلية لحجم الأزمة التي تعرفها هذه المناطق المنكوبة بيئيًا.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى