حرمة الله يموّل.. وأخنوش يلمّع صورته بالداخلة على جثّة السياسة!

إعلام تيفي _ الرباط
من الداخلة، لا من الرباط، يُعاد رسم معالم العبث السياسي في أبشع صوره. ما شهدته ساكنة عروس الصحراء المغربية خلال الـ24 ساعة الأخيرة لم يكن نشاطاً حزبياً عادياً، بل فضيحة مكتملة الأركان، عنوانها استغلال الحاجة، وتوظيف المال، واختطاف رمزية الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية في مشهد انتخابي استباقي صادم، لا يمكن وصفه إلا بالانحطاط الأخلاقي.
عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار حمل معه قافلة من الصحافيين والمصورين، والقاعة المتنقلة، والملمعات الإعلامية المستوردة، ليقدم لنا استعراضاً سياسياً مصطنعاً، تم فيه تجنيد مئات العمال والعاملات من معامل التبريد والضيعات الفلاحية مقابل 200 درهم للشخص، مع ارتداء الملاحف والدراريع. والهدف؟ أن يظهر الزعيم كما لو أنه وسط ساكنة الداخلة “المبتهجة” بقدومه، بينما الحقيقة أن من حضروا لا علاقة لهم بالحزب ولا ببرامجه، بل جاؤوا تحت ضغط الحاجة وسُوءة العرض.
أي انحدار سياسي هذا؟ أن يُحَوَّل المواطن البسيط إلى أداة في ماكينة انتخابية دنيئة، وأن تُسْتَخدم رمزية الزي الصحراوي لتجميل مشهد لا يمتّ بصلة للواقع، بل يشكل استفزازاً لكرامة ساكنة عُرفت بعزة النفس ورفض الاستغلال.
لكن خلف هذه المسرحية الرديئة، يبرز الاسم الحقيقي للراعي والممول.. محمد لمين حرمة الله، المنسق الجهوي لحزب “الحمامة”، الذي يلهث منذ سنوات وراء النفوذ، ويسعى للحفاظ على مكانته فقط بفضل ما يضخه من أموال في الحملات والأنشطة، رغم الغضبات المتكررة التي طالته وتطاله من جهات متعددة، والاحتجاجات الصامتة ضده في أعلى المستويات. هو نموذج حيّ لسياسي لم يعد يثق إلا في جيبه، ويعلم أن الشرعية الشعبية لا تسعفه، فقرر شراءها، بالمكشوف.
هذه “الجولة الوطنية”، التي سُمِّيت بـ”مسار الإنجازات”، ليست سوى جولة انتخابية سابقة لأوانها، غايتها التمهيد لإعادة تدوير نفس الوجوه المتورطة في العبث السياسي والريع الانتخابي. أما الشعارات الكبرى من قبيل “الحماية الاجتماعية” و”الدولة الاجتماعية” فهي فقط ورق تذروه رياح الجنوب، أمام أعين مواطنين لم يروا من هذا الحزب غير الصور المفبركة والوعود المؤجلة.
السياسة ليست إنزالاً إعلامياً، ولا هي مهرجان يُستقدم له الجمهور بـ200 درهم، ولا هي منصة يتحدث عليها زعيم بلسان منفصل عن الواقع. السياسة التزام، مصداقية، وربط المسؤولية بالمحاسبة. وأخنوش، من الداخلة، قدم نموذجاً صارخاً لما يجب أن يُحاسب عليه، لا أن يُزَكَّى.
فإلى متى ستبقى الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية تُستَعمل كورقة دعائية لحسابات سياسية انتهازية؟ وأين هي باقي الأحزاب من هذا العبث الذي يضرب في العمق أخلاق السياسة؟ وهل هذا هو النموذج التنموي الذي بشّرنا به؟
الداخلة ليست مسرحاً للفرجة.. وساكنتها ليست قطع ديكور… ومن اشترى الحضور اليوم… سيخسر غداً احترام التاريخ.