خفيفي ل”إعلام تيفي”: “الحساسية الموسمية ليست خطيرة لكنها تؤثر على جودة الحياة”

فاطمة الزهراء ايت ناصر

مع تغيّر الفصول، وخاصة في الربيع والخريف، يعاني عدد كبير من الأشخاص من أعراض مزعجة تؤثر على حياتهم اليومية، مثل العطس المتكرر، الحكة، وسيلان الأنف.

هذه الأعراض غالبًا ما تكون نتيجة لما يعرف بـالحساسية الموسمية، وهي حالة شائعة لكنها غير مفهومة جيدًا لدى الكثيرين.

ورغم أنها لا تُعد مرضًا خطيرًا في أغلب الحالات، إلا أن تأثيرها على جودة الحياة قد يكون ملحوظًا، خاصة لدى من يعانون من أمراض مزمنة.

لهذا قام فريق “إعلام تيفي” بجولة ميدانية في الشارع العام لاستطلاع آراء المواطنين حول معاناتهم مع الحساسية الموسمية، حيث أكد عدد من المستجوبين أنهم يواجهون صعوبات متكررة كل ربيع بسبب الأعراض المزعجة مثل العطس المستمر وحكة العينين والأنف، فيما أشار البعض إلى أنهم يضطرون إلى البقاء في منازلهم خلال فصل الربيع بسبب رحيق الزهور  .

مواطنون آخرون عبّروا عن جهلهم بطبيعة هذه الحالة، وخلطهم بينها وبين نزلات البرد، وهو ما يؤكد الحاجة إلى مزيد من التوعية الصحية بهذا الموضوع.

الحاج محمد، 62 سنة، متقاعد، بدأ يعاني منذ سنوات من حكة في الحلق واحمرار العينين خلال الربيع، وكان يعتقد أن السبب هو الغبار أو التقدم في السن. لكن بعد إجراء تحليل دم، تبين أن لديه حساسية موسمية.

وبما أن الأدوية تسبب له بعض الأعراض الجانبية بسبب أمراض مزمنة أخرى، أوصى الطبيب له بالعلاج المناعي، وهو الآن في مرحلة المتابعة، وقد تحسنت حالته تدريجيًا.

سعاد، 27 سنة، موظفة في شركة تأمين، كل ربيع، تعاني سعاد من عطس متكرر وسيلان في الأنف مع حكة مزعجة في العينين.

في البداية كانت تظن أنها مصابة بنزلة برد، لكنها لاحظت أن الأعراض تتكرر في نفس الفترة من كل سنة. بعد زيارة الطبيب، أُجري لها اختبار تحسس جلدي، وتبين أنها تعاني من حساسية تجاه غبار الطلع. الآن تستخدم مضادات الهستامين وبخاخات الأنف، مما ساعدها في التخفيف من الأعراض والعودة إلى عملها بشكل طبيعي.

ولهذا أكد الدكتور أمين خفيفي، المختص في الأدوية السريرية ببريطانيا، أن الحساسية الموسمية هي استجابة مفرطة من جهاز المناعة تجاه مواد طبيعية وغير ضارة بطبيعتها، مثل غبار الطلع (Pollen) الذي ينتشر في فصل الربيع، وغبار العفن المجهري الذي يظهر غالبًا في فصل الخريف.

وأوضح الدكتور خفيفي ل”اعلام تيفي” أن هذه الحالة ليست مرضًا معديًا، بل هي نتيجة “فرط تحسس” مناعي، حيث يتعامل الجسم مع هذه المهيجات كما لو كانت تهديدًا حقيقيًا، ما يؤدي إلى ظهور أعراض مزعجة تتشابه في كثير من الأحيان مع نزلات البرد.

وتشمل الأعراض المتكررة العطس، انسداد الأنف، الحكة في العينين والأنف والحلق، الدموع، الاحمرار في العينين، بالإضافة إلى الشعور العام بالتعب أو حتى الصداع أحيانًا.

وبيّن أن المرضى الذين يعانون أصلًا من الربو أو التهاب الجيوب الأنفية يكونون أكثر عرضة لتفاقم الأعراض خلال فصلي الربيع والخريف بسبب التعرض المضاعف لهذه المهيجات.

وحول طرق التشخيص، أكد الدكتور خفيفي أن الطبيب يبدأ غالبًا بـالفحص السريري ومراجعة التاريخ الطبي للمريض، إلى جانب اختبارات جلدية تحسسية تهدف إلى تحديد المهيج المسبب للحساسية، كما يمكن اللجوء إلى تحليل الدم لقياس مستويات الأجسام المضادة ذات الصلة بالحساسية.

وفيما يتعلق بالعلاج، أوضح أنه لا يوجد علاج نهائي للحساسية الموسمية، لكن هناك عدة وسائل فعالة للتخفيف من حدتها، من بينها مضادات الهستامين مثل لوراتادين، والتي تساعد على كبح رد الفعل المناعي المفرط، إضافة إلى بخاخات الأنف التي تحد من الالتهاب والاحتقان، وقطرات العين التي تقلل من الحكة والاحمرار.

وفي الحالات الأكثر شدة، قد يقترح الطبيب العلاج المناعي كخيار طويل الأمد لتقليل الحساسية بشكل تدريجي.

واختتم الدكتور خفيفي حديثه بعدد من التوصيات الوقائية، من بينها إغلاق النوافذ خلال فترات ارتفاع نسبة الغبار أو اضطراب الأحوال الجوية، الاستحمام وتبديل الملابس مباشرة بعد العودة من الخارج لتقليل التعرض للمهيجات، استخدام أجهزة تنقية الهواء داخل المنزل، مراجعة الطبيب فورًا في حال ظهور أعراض غير معتادة أو متفاقمة.

وشدد في الختام على أن الحساسية الموسمية ليست حالة خطيرة في معظم الأحيان، لكنها تؤثر بشكل واضح على جودة حياة المصابين بها، ما يجعل التشخيص السليم والوقاية والعلاج المبكر خطوات ضرورية لتفادي المضاعفات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى